Friday, 28 November 2014

مقال بعنوان : قضية الأمة العربية المركزية فلسطين


مقال بعنوان : قضية الأمة العربية المركزية فلسطين
يتحرك التاريخ دون أن يتجرأ على الجغرافيا،  يتحرك التاريخ ليقول أن السكون لا يعني صمت الواقع ولا صرف الماضي بل هو يتحرك ليسجل صرخة الصدمة أن الغد قادم بشيء جديد ؛ وأهم جديد الغد أن يومنا هذا أصبح ماضي في سجلات التاريخ وسجالات الجغرافيا.  في زمن قريب كانت القومية العربية  تتنافس للوصاية على القضية الفلسطينية بابداع الأفكار وتكوين الأحزاب وتجيش الجبهات ومساعي التوزان الاستراتيجي مع العدو،  وكان التاريخ يسجل همسات أصحاب القضية : نحن الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني لا للقضية الفلسطينية،  وكثرة النقاشات وتفنن المنظرون في تبيان الفرق بين شرح قومية القضية ووطنية الشعب الفلسطيني في حدود القطرية المتممة للوحدة العربية لا المنافسة لها بالأولويات ؛ ومر التاريخ سريعا فذابت القواسم والتحمت المؤمرات ضد القضية القومية وضد الوطنية القطرية للشعب الفلسطيني ، وأصبحت فلسطين زائدة دودية ملتهبة في الجسد العربي الرسمي،  واتفقوا على أن كل خلافاتهم بسبب القضية المركزية،  وأن هناك استراتيجية جديدة بدون قضية المركزية عنوانها انفتاح الأسواق وصناعة السلام،  اتفقوا على النظرية واختلفوا على الآلية فتسارعت عجلة التاريخ ؛  حرب في كل مكان وسلام لإسرائيل من مصر الوحيدة.
احترقت أراضينا من المغرب وليبيا واليمن والسودان والصومال وسوريا والعراق ولبنان نفضات وطنية وقضايا قطرية صعدت في بورصة القضية المركزية،  وكل أحوال الوطنية أوحال قومية لا تهرم من العصبية القبلية ومصارعة العبيد لإرضاء السيد المطاع في بلاد العم سام،  وأصل القضية أنها تجمع كل الوطنيات في بوتقة القومية وتعجن المستقبل لكل البلاد العربية ؛ وأصل القضية أن فلسطين سقطت من انتصارات الثورات العربية على العثمانية الأتاتوركية،  وأصل التحالفات مع بريطانيا وفرنسا من أجل صناعة دولة عربية ؛ ولكل أصل أصالة وتأصيل في حدود الجذور القومية للقضية المركزية.
وفي استثناء غريب شهده العقد الثامن من القرن الماضي ؛ تم إعلان وفاة القومية العربية في حصار إسرائيل لبيروت تبعه استقدام بوارج أمريكية لحماية البترول من حرب الأخوة الجيران العراق إيران وتم تسليح وتدريب الإرهابيين للقضاء على الحكم الشيوعي لأفغانستان وتم إعلان الوطنية القطرية الليرالية بديل للقطرية العربية الساعية للقومية الوحدوية ؛ فسقطت القضية المركزية وسقطت فلسطين من بياناتهم السياسية،  فتكومت القضية فوق صدر الوطنية القطرية للشعب الفلسطيني ؛ فنفض التاريخ وانتفضت جغرافيا فلسطين وهبت حجارة فلسطين لتعلن أنها عربية ؛ رغم أن العرب يعتبرونها فلسطينية لا عربية ؛ لكن إصرار الشعب الفلسطيني بما فيه من نخب سياسية وفكرية ترفض اعتبار القضية الفلسطينية قضية وطنية فهي القضية العربية المركزية دون أن نوقف التاريخ أو نحرك الجغرافيا ؛ بل نقرأ الحقيقة في زمن البحث عن أوهام الحلول الفاسدة ؛ فلا اقتصاد ولا تعليم ولا جيوش ولا حتى فن في أي دول عربية تميز بل أن التخلف يسحبنا سريعا للخلف إذا ما قارنا أنفسنا مع دول تخلفها أقل مثل تركيا وماليزيا ؛ فإذا كان العيب في القيادات فقد بدلها الزمان وإذا كان العيب في الحلفاء فقد سقطت الخيارات ا لا السيد الشيطان في بلاد العم سام ؛ أم أن القضية في الأولويات،  وأي الأولويات لا تتاثر بالمحيط العربي ؛ كيف تبني اقتصاد ثم يدخل حدود قطرك مليون لاجئ ؟ كيف تبني تعليم في زمن البطالة؟  كيف تخفض نسبة العنوسة وعدم المقدرة على مصاريف الزواج،  كيف والف كيف؟  كيف تصلي وانت جائع؟  وكيف تعرف الله وأنت لا تؤمن به؟ 
كيف تدور حول النهار بحثا عن الشمس ثم تكتشف ان هناك مصابيح بقوة نور الشمس ومصابيح تعمي البصيرة ومصابيح تسقط الحق في بئر الحقيقة المجهول؟  ثم يقولوا لك أن كل المصابيح هي صناعة صينية بتكنولوجيا أوروبية وتمويل أمريكي ؛ وهي مضمومة الكفاءة في أقصى الظروف،  لذا فأنت لا تحتاج للشمس،  وهذه الدوامة تأتيك على كل شيء فالماء والخبز وفراشك ولبسك وكل شيء أصبح له بديل.
فبديل الوطنية العولمة وبديل القومية الشرق أوسطية وبديل القضية الفلسطينية أصبح القضية الإسرائيلية؟  فالموضوع هو السلام استراتيجيا لكن الآليات تختلف ؛ فمنها التجريبي ومنها التقريبي وأهمها العلاقات الغير مباشرة دون تحريك التاريخ والموافقة على تعديل الجغرافيا،  فأصبحت أوراق الزيتون تتساقط صيفا والتين ينضج شتاءا لأننا تطورنا في قانون دارون ـ البقاء للأقوى - في حكم فوضى أفق المستقبل العربي.
فلسطين تبقى الربيع الدائم للفكر الواضح في المنطق العربي فهي سهلة القراءة صعبة التجاهل وهي تجلس فوق الضمير لتبض القلب العربي بالأمل وتنير العقل العربي بأفكار ابداعية تصنع مستقبل عربي ؛ وهذا التسجيل المختصر لمفهوم القضية المركزية للأمة العربية يضع الأصبع على أصل الجرح العربي ؛ وكفانا ترميم للخدوش ودعونا نتمعن بجرحنا الغائر في زمن انسداد الأفق وذواب جغرافيا فلسطين ؛ ولعل المثل العربي أكلت يوم أكل الثور الأبيض خير شاهد على ما ينتظرنا في المستقبل القريب ؛ وإن لم تعد فلسطين قضية الامة العربية المركزية فإننا سنخرج من التاريخ ونذوب من الجغرافيا .
خالد أبوعدنان
ولدت لاجئا وأحيا مهاجرا  

Monday, 10 November 2014

مقال بعنوان : الوجه السابع للنرد

مقال بعنوان : الوجه السابع للنرد
ولدنا أحرارا في جوفنا قلب يهوى الحياة وعقل يملك حرية الاختيار ؛ هبة من رب لا نعبد سواه، هذه فطرتنا التي نتشابه بها مع بني آدم،  هم بشر مثلنا أو أننا نتشابه معهم بالشكل فقط.  فهل مشكلتنا أم ميزتنا أننا فلسطينيين ؛ فالبعض يشفق علينا والبعض يحسدنا،  وهم مثلنا يملكون حرية الاختيار ؛ الا أن خياراتنا كانت ومازالت سداسية الأوجه في لعبة الحظ القاتلة لعبة النرد!!! 
نحن  لنا ملكة التغيير وقانون النرد عندنا مقلوب وأحيانا نخترع قانون نرد جديد،  وأحيانا أخرى نلعب النرد بلا قانون،  فلعبنا علم الفن وفن العلم ؛ فلسفة البحث عن خيار جديد في وجوه النرد الستة.  
لم نملك أبدا خيارات مفتوحة ولم نملك القدرة على صنع خيار جديد،  بل تعلمنا أن كل وجوه النرد مناضلة وأن لكل وجه خصوصية فلسطينية نتفنن بتفسيرها ؛ ولكن  الحقيقة أننا نناضل ضد الاستعمار مثل باقي الشعوب المقهورة وضمن الخيارات الستة المحصورة،  فما هي وجوه النرد لمقاومة الاستعمار :
الوجه الأول : الكفاح المسلح والنضال العسكري بالاعتماد على حليف استراتيجي أو بناء قواعد ارتكاز آمنة وشن حرب عصابات أو حرب الشوارع وفنون الحرب الشعبية.  فلقد انتصرت شعوب في استخدام أحداها ونحن جربناها كلها ولم ننتصر بعد. 
الوجه الثاني : النضال السلمي بشقيه العنفي أو الناعم  وباستخدام الاعلام أو الرأي العام الدولي  أو نشطاء السلام أو المقاطعة الاقتصادية أو العصيان المدني أو القانون الدولي أو أدوات التحكيم الدولي ؛ ولقد انتصرت الكثير من الشعوب المحتلة بأحداها ونحن نستخدمها كلها ومازلنا ننضال لتحقيق النصر.
الوجه الثالث : السياسة المرحلية باستخدام النفس الطويل والتنازل عن جزء من الحق مقابل الحصول على الجزء الآخر ؛ بقبول حل الدولتين أو الحكم الذاتي ضمن سلطة عسكرية أو إدارة مدنية  ضمن سلطة أمنية أو كانتونات الفصل العنصري بادارة منتخبة أو حصار دون احتلال أو استقلال. والحقيقة أن أغلب حركات تحرر مرت في هذه المرحلة وكانت نهاية الاحتلال بعدها ونحن مررنا بها ومازلنا نناضل. 
الوجه الرابع : السلبية الثورية ؛  بمعنى اختصار الثورة باستمرار الحياة من تعليم وعمل وثقافة دون مقاومة الاحتلال،  والغريب أن أضخم الثورات المعاصرة لم يشارك فيها أكثر من ٢٠٪ من قوى الشعب ؛ بل  أن دعاة السلبية الثورية كانوا أكثر تأهيل لاستلام زمام الحكم بعد الانتصار على الاستعمار،  وشعبنا الفلسطيني لا يختلف عن باقي الشعوب المقهورة ونسبة السلبية الثورية في كل مراحل الثورة كانت عادية و قادرة على استمرار الحياة ؛ خصوصا أن ثورثنا تؤمن بمفهوم الحرب الشعبية ؛ فيصبح عمل الطبيب والمعلم عمل ثوري وفي ثورتنا حتى التاجر نعت بالثوري ؛ رغم ذلك لم ننتصر أو أننا لم نحقق النصر بعد. 
الوجه الخامس : الاستقواء بالحلفاء،  أي ان يقوم حليف قوي بدحر الاحتلال عسكريا أو سياسيا أو اقتصادية أو فكريا ؛ وما أكثر الأمثلة التي نقدر على ذكرها في ثورات الشعوب المقهورة ؛ الا أن قضيتنا مقلوبة فلم نحكم فلسطين ليحتلها منا العدو ؛ بل كانت فلسطين في عهدة الانتداب البريطاني الذي جاء ليعلمنا أن نصبح دولة لها قيادة وطنية بدل من أن نكون مقاطعة هامشية في الدولة العثمانية ؛ ثم سقطت فلسطين من حكومات وجيوش عربية حليفة ولم تسقط منا،  الا أننا نناضل من أجل أن نخلق دولة وطنية مستقلة لم تكون موجودة أصلا وهذه خصوصية الخصوصية الفلسطينية وما زلنا نناضل.
الوجه السادس : قانون العبد والسيد ؛ ويكون بالتوقف عن المطالب العامة مثل الاستقلال أو الحرية والسعي للحصول على حقوق المواطنة المدنية والمساواة مع المستعمرين بالحقوق والواجبات والعدالة الاجتماعة واحترام الملكية الخاصة ضمن نضال متدرج طويل الأمد يقنع الاحتلال بفوائد منحه لنا حق المواطنة ضمن مفهوم حل الدولة الديموقراطية الواحدة للضحية والجلاد ؛ وللأسف فقد قبلت العديد من الثورات أن تنهي نضالها وتقبل بتفككها لدرجة الذوبان داخل الكيان المحتل ؛ أما نحن فنملك أكثر من مليون فلسطينيي يعيشون هذه الظروف منذ النكبة ونضالهم يعد أسطورة بالوطنية مقارنة مع شعوب تم محو لغتهم وثقافتهم ودينهم ؛ وأن الملفت للنظر أن الثورة طرحت حل الدولة الديموقراطية وهي في أوج قوتها العسكرية ومدها الجماهيري وهذه مفارقة تضع ألف علامة استفهام على القيادة الثورية ولكن تبريرها كان صادقا،  فالثورة الفلسطينية تملك أصدقاء لهم مصلحة باستمرار الثورة ولكن لم نملك حليفا واحدا كان يخطط معنا طريق النصر.
أما ما تمر به القضية الفلسطينية في المرحلة الراهنة بسبب سياسات الاحتلال المستمرة بسلبنا الأرض وتشريع القوانين لضمها له بقوة السلاح والغطرسة الصهيونية تجسيدا لمفهومهم القديم أرض بلا شعب لشعب بلا أرض يعني أن قانون التهجير القسري لنا أصبح مسألة وقت ؛ لكن لا توجد قوة احتلال قامت بطرد شعب كامل من أرضه ولا يوجد شعب عاش في مخيمات اللجوء للأبد ؛ إن قانون النرد يرفض الوجه السابع التهجير القسري خارج حدود الوطن ؛ إلا أننا مازلنا نناضل في لعبة النرد فهل لنا أن نغير خياراتنا هل نفكر قيادة وشعب وأصدقاء للثورة أن نغير وجه النرد لنعود ضمن الفريق الذي يفعل لا من يتلقى ردات الفعل بغضب دون أن يملك القدرة على تغيير قانون المعركة ؟ هل نكف على نعت أنفسنا بأننا    صامدون أو   مستسلمون؟  ونبقى أبناء ثورة تناضل ولم تنتصر بعد لكنها ستنتصر باستخدام إحدى وجوه النرد أو باستخدام الوجوه كلها  
خالد أبوعدنان
ولدت لاجئا وأحيا مهاجرا