Saturday, 2 May 2015

كفار فلسطين

مقال بعنوان : كفار فلسطين
في زحام السوق، سقط الحق في لهيب الحقيقة فحرق الوجوه المرهقة لونها بالأصفر الشاحب ودوائر السواد حلقت العيون وحجبت بسمة الأسنان شفاه الصمت المقيت. أحاديث الأسواق تطرق أجراس العقل وترسم خيول الأمل في أحلام الغد القادم.
قالوا الحرية أزمة وأنها مرعبة لكنها ممكنة. لقد حررت الأسعار كل السلع المهمة والتافهة،  وأيضا تحررت أسواقها من الاحتكار فتعددت مصادرها ومنها أيضا تسلل من الرقابة وأخرى مقلد بمهارة إلا  أنها كلها متحررة من بيوتنا المتحررة من كل السلع إلا الكرامة فهي ما لا نقبل أن بيعه.
وفي جانب آخر من السوق صرخ أحدهم هذا حرام،  نعم سلع حرام وأخرى حلال والحرمات طريق جهنم،  وأي شيء يحرق المعاش غير السلع الحلال،  حلال دينا أو دنيا أم أنه محلل مخبريا أو تم تحليته بالوطنية أو قطفه من غابات الجنة،  والحلال ما يحل في معدتي أما ما لا أملك ثمنه فهو حرام.
كلام آخر كان يقال همسا،  أنت مع الرئيس؟  فأجابه أنا لا أساوي شيئا ولا حتى هامش حاشية أتمنى أن يكون رئيس معي ولا يهم إن كنت معه أم لا فأنا أنتمي لبطن أطفالي ولا أعرف كم يكرهوني أولادي فبطونهم لا تعرف الا الخبز والماء.  وأنت مع رئيس يا فليسوف زمانك؟  فأجاب الرئيس رئيسنا وهو ملك لنا وأنا انتخبته، لكن هل مازال يتذكر لماذا انتخبته وهل حقق لي ما وعدني إياه.  
يعلو صراخ ويتجمع الناس ويقول لي أحدهم،  ضبطوا بضاعة ممنوعة على أنها من العدو. سألت: هل هي حرام فقال لي لا لكن هناك مقاطعة؟ 
وتدخل لآخر تم تقطيعنا بالمقاطعة فهي ضد صغار التجار وضد الفقراء! ثم قال آخر هناك دراسات تؤكد أن كل أموال الأغنياء في بنوك العدو، كما أن هناك شركات كبيرة بين أغنيائنا وأغنيائهم، ثم تقدم عجوز وقال: مقاطعة العدو ونحن نتعامل بعملتهم ونشرب ماءهم ونستعمل كل شي لهم الكهرباء والطرق وحتى الصرف الصحي. وأضاف: لو أن المقاطعة تهز شعرة بالعدو لمنعها لكنها تسالي السياسيين بالفقراء. المقاطعة أن تقطع الأمل بأن الأسعار ستنخفض والمعاشات ترتفع.
وفي طرف السوق وقف رجلان ليتصورا صورة تذكارية ؛ يزوران السوق المسروق من تاريخ الوطنية. يقترب أحدهما من إعلان على الحائط ويقول:  غدا مسيرة في قرية مجاورة، ماذا ستأخذون معك حين تذهبون للمسيرة؟  أجاب أحد المارة: إذا قصدت الأعلام وبيانات فهي موجودة بالقرية الآن أما إذا قصدت أكل وشرب فخذ ما يكفيك نهار كامل،  لا تنس شيئا لأن أصحاب دكاكين القرية يستغلون المسيرة ويرفعون الأسعار،  وأيضا لا تقترب من الصحافة فالرصاص يأتي قربهم وكن قريبا من مؤخرة المسيرة فهي الخيار السليم،  لكن لا يوجد مواصلات للمسيرة عليك استئجار سيارة أجرة وتتفق مع السائق ألا يقول للجندي على حاجز القرية إنك ذاهب للمسيرة،  قل له إنك ذاهب لتأكل اللوز الأخضر.
يقرأ أحدهم في الجريدة: لم يعد هناك مشكلة كهرباء،  سأعلن إضرابامفتوحا حتى رفع الحصار عن المصالحة مع تحميل العدو العواقب المتربة على ذلك.  فصفق أحدهم وقال: أنا قاطع الكهرباء عن بيتي من أسبوع لم أستطع دفع فاتورة الشهر الماضي. وصاح آخر: الكهرباء ليست مقاطعة أو مقطوعة لكن جيوبنا لم تعد منفوخة.
وأمام مكتب السفريات قال لي شخص ما: أريد أن أسافر على بلد ما.. وقال لي المكتب: اختر بلدا ما وأدفع شيئا ما تأخذ تصريحا لسفر لمدة ما، فهل تعرف شيئا ما عن هذه الما؟ فسألته لماذا تترك الوطن لتذهب لهذه الما؟  فقال عملت مع العدو ثم قطعوا التصريح فعملت بالقطاع الخاص فأعطاني دواما متقطع وراتب متقاعس وآلام في المفاصل أما القطاع العام فهو للمحسوبين من أهل الوطن أما أنا فسوف أحب الوطن أكثر إذا سافرت لبلد ما!
خالد أبوعدنان
ولدت لاجئا وأحيا مهاجرا

No comments:

Post a Comment