مقال بعنوان : زوجة العناكب الثلاثة
كان يا مكان في قديم الزمان في بلاد العناكب ، بلاد تجاور بلاد وعناكب
في كل البلاد تحب السلام والحرب ، تتعارك فيما بينها وتسرق وتسوق قانون الغاب على
كل شيء في بعض بلدانها ، وهناك بلاد عناكبها ساذجة لا تتعدى على أحد وترضى بالقليل
، ورغم ذلك لم تسلم من شر عناكب بلاد الشر ، فقد طمعوا بأرضهم أو رفضوا أن يكون للضعاف
وجود أو أنهم أرادوا أن يبتدعوا فكرة الاستمرار للأقوى وأما الضعيف فلا بد أن
ينقرض أو يعيش عبدا طائعا أو يرضى بالحياة في حصار مخيمات اللجوء .
سرقت عناكب بلاد الشر نص العالم وقتلت شعوب كاملة ثم قالت اكتشفنا
بلاد جديدة بلاد لم يدخلها عنكبوب قبلنا ، وأرسلوا أشر أشرارهم لينهبوا ويهدموا أي
أثر يدلل على وجود حضارة أو حتى مقبرة ، ولما فعلوا جمعوا وحملوا ثم عادوا
واستقروا هناك ، لكنهم وجدوا أن بعض العناكب القديمة مازالت هناك ، فحاصروها
وهزموا روح الحياة فيها ، فأصبحوا مهرجين للفرجة ونوعا فريد لم ينقرض لكنه فقد
القدرة حتى أن ينتحر . صنع عناكب الشر للعالم خريطة وقسموها واعتبروها غنيمة قبل
أن يصلوها ، خططوا ونفذوا واستعمروا البلاد واستعبدوا كل عناكب الكون ، قاتلوا
بأيديهم وأيدي محظييهم وأيدي خصومهم فالمهم إبقاء الغنيمة لهم وفضلاتهم تباع على
أنها أشهى الأطعمة ، وفلسفوا جرائم وأصبحت علما يدرس بالجامعات واستبدلوا الذهب
بالورق وأكثر من ذلك أصبحوا عنوان الحضارة بجدارة .
بعد ذلك الزمان بمائة أو مائتين من سنين قرروا أن العالم أصبح كثيفا
بالعناكب وأن بلادهم لا تسعهم ولا يوجد فيها ما يكفيهم من الطعام ، قرروا أن
الدنيا لا تظلم الضعيف لكن القوي أولى بالبقاء ، فقرروا أن يغزوا العالم القديم
كله لكنهم اختلفوا على الغنيمة ولم تكن الا الضغينة والنميمة ثم حرب كلها أشرار
ولا يموت فيها الا الأغبياء فسقط الحق في جهنم الحقيقة وأصبح الطمع فضيلة ، تباكى
الأشرار من غيمة سوداء وأردوا أن يخرجوا بكل المكاسب ولم يجدوا حلا مناسب . صعد
صعاليك الأشرار يبايعون كل الأشرار نحن نصر الشر نحن أشر الأشرار ، فناصروا كل الأشرار
على أعدائهم وأحلافهم وطلبوا حصة من الغنيمة وخيمة في صحراء بعيدة ، لتكون لهم
ركيزة .
انتصر الأشرار ومنحوا الصعاليك الغنيمة بعدما ذبحوا ونهبوا وطردوا
وأعلنوا أن الحضارة قادمة ، والغنيمة خيمة في بلاد الصحراء ، في بلاد المهزومين
الذين استقلوا ورضوا أن يكونوا عبيدا طائعين وأن يقبلوا في خيمة الصعاليك بل وأن
يحموها بستر والساتر والمساتر ، طردوا عناكب الخيمة وقالوا لا نريدكم أن تموتوا
بين الرصاص وسنتقم ونقاتل بإخلاص والصعاليك أموات لا ملاص ، وضاعت الحرب بين أن
نموت في طوابير أو نبيع المزامير في سوق الحضارة البائدة . سقطت الخيمة وتشرد
عناكبها وأصبحت الخيمة بلاد وبلدات ولكل طامع دنيا ملذات ، فهي لمن باعوها رهينة
ولمن سرقوها غنيمة ولأهلها بقية الأرملة اليتيمة .
عناكب الخيمة تاهوا بين شعارات نعود وعائدون والنصر لنا والموت لكل
بلاد الأشرار ، وأصبحوا يقاتلون تحت كل راية دون أن تكون خيمتهم الغاية ، فتاهوا
وتناحروا راية هؤلاء تنصرنا بل غاية الجيران تنفعنا ، بل فكر هذا مفيد ورأي ذاك
سديد ولا شيء جديد وكله هتاف ووعيد ، خرج مغامر وعلى باب الخيمة سقط قتيلا ، وخرج
آخر ثم تبعه ثلة وكلهم ماتوا ، ولكن الفكرة حضرت في ذهن الجميع لماذا ننتظر
ليحرروها ؟ نحررها نحن دون أي قوة ولا عون ، رقص الموت على أبواب الجنة لنحرر الخيمة
!!
في أحدى المزابل المجاورة للخيمة اجتمعت عنكبوبة مع ثلاث عناكب لا
يجمعهم إلا حب بلدهم الخيمة ، قالت لهم أملك القدرة على عمل خيط طويل يدخلنا
الخيمة ولي قوة أقتل فيها الصعاليك ، بهت العناكب الثلاث وقالوا أي خيط وهي منسوجة
بالصعاليك ومحصونة بأعوانهم ، وأي قوة تقتل كل هؤلاء كل هذا استعجال لموتنا لا
محال ، فقالت شيء من الدهاء وقليل من الذكاء وبعض الثناء نصنع أحلافا ونناور بين
المحاور وسنجد ألف مغامر ، الحرب كالسلم لها ألف تاجر أما الاستسلام فهو موت قبل
أوان . وافقوها الرأي وبدأ العمل الممل صنع حلفاء من بقايا الفضلات ، فقالت كلنا
معا بالسر أما بالعلن فلا أنتم معي بل أحيانا ضدي وكل منكم راية ملونة ورأي من كومة
المزابل المعروضة ، فقالوا كيف يكون ذلك قالت نلعب لعبة الصعاليك نلبس الصليب
لنقرأ القرآن ونقتل الرصاص ونبيع الحمام في كل المزابل ، ونعلن أننا أموات بلا
مقابر ولا نريد مقابل إلا خيمتنا .
قالت العنكبوتة أنا إن تزوجت أحدكم قتلته لأنجب شهداء يصنعون كرة
النار التي ستحرر الخيمة ، وأنا تزوجتكم أنتم الثلاثة فهل تقبلوا الموت على ظهر
الخيمة أم تموتوا بالخيبة ، قالوا إنا جربنا كل الدروب ولا نعرف الا أننا سنعود أو
أبناؤنا سيعودون ، قالت أنا النصيحة الفصيحة أنا رجم الشياطين فاجمعوا حولي
الجامعين ، أريد عناكبنا وكل أحلاف الكون معنا ولا نقبل إلا أن تموت كل الأفكار
إلا فكرتنا ، نريد أن نقاتل ونقتل ونموت حتى نعود . سندهن عناكبنا بكل ألوان
الحقيقة والجريمة فالغاية تبرر الوسيلة ولغير خيمتنا ليس لنا قبيلة .
تجمهر الكثير من عناكب الخيمة وتناصروا وتناغموا ، حتى ظن الجميع أنهم
كلمة واحدة ولكنها ليس كلمة بل فكرة الرصاص للعودة ، أما تفاسيرها كثيرة وأنغامها
عديدة وأحلافها كثيرة ، فهي حمراء في يسار اليسار وخضراء في قربان المساجد ولها
لون البنفسج في كتب التاريخ وهي بيضاء في الكنائس وهي عروس في عزاء من لم يمت بعد
ولكنه حمل نفسه للخيمة .
قالت العنكبوتة إذا تكاثرنا كثرت مشاكلنا وألهتنا مشاغلنا ، فلا تنسوا
أن ما يجمعنا هو رائحة البرود وأمل أن نعود ، قالت إن قاتل معنا حليف لنا فنحن
أخوة في الموت , وإن قبرنا في معارك بعيدة نعود وحدنا أو نموت على ظهر الخيمة ،
وكل الوعود التي تقول أن السلام سيكون بلا دم ولا مقابر سقوط في أفلام ومقالب فلا
عودة إلا عودة المغامر .
قالت العنكبوتة : انظروا لكل من هادن ورضي أن يعيش حرسا للصعاليك هل
أصبحوا مثلهم لهم دولة وجولة وفي كل ميدان صولة ، أم أنهم أشباه عبيد وينعقون
بالوعيد لكل صعلوك عنيد ، يا عناكبي كل المزابل معكم فكونوا على الصعاليك أشرس
وأنتم حلم الحرية فلا تتركوا البندقية ولا تتركوا القضية ، البارود لغة ترهب
الأشرار وتجمع كل الأحلاف وتقهر كل الصعاليك ، وهي درب من رضي أن يكون مثل أحد
أزوجي الثلاث الذين سقطوا على ظهر الخيمة وأولادهم سقطوا ومازلت أعلم أحفادي فن
تجربة الموت على ظهر الخيمة .
خالد أبوعدنان
ولدت لاجئا وأحيا مهاجرا
No comments:
Post a Comment