مقدمة
في البناء الفكري العلمي
تقاطع الأفكار وتداخل الأولويات تشكل متاهة
المواطن العالمي في القرن الحادي والعشرين ، كما أن التدفق العشوائي للمعلومات
تشوش عملية التعقل مما يبني حواجز دائمة تمنعنا من الوصول لنتائج إيجابية
لمشكلاتنا اليومية ومعضلاتنا القومية ، وسبب الرئيسي يعود لأمراض العصر المزمنة
مثل النرجسية الفكرية والعبثية التعقلية والتخلف الاجتماعي الانعزالي .
هذا المقال سيقدم مدخل لشرح المشكلة من
جذورها في بنات الأفكار في اللاوعي المظلم للمواطن العالمي في العصر الحديث .
إن فكرة الحرية لا تستوي بدون ديموقراطية ،
والديموقراطية لا تستوي بدون نظام سياسي ثابت ، والنظام السياسي لا يثبت بدون
استراتيجية طويلة الأمد تحترم حرية التفكير .
هذه الدائرة المغلقة للفكر والتعقل وفق أغلب
المدارس الفلسفية ، وأقول أغلب لإن هناك مدارس لا تؤمن بإحدى مكونات البناء الفكري
العلمي (الحرية +الديموقراطية + نظام السياسي + الاستراتيجية القومية العليا +
حرية التفكير ) . ولنشرح الخطوط العامة للبناء الفكري العلمي لصناعة القرار إن كان
سياسيا أو حتى فرديا فالآلية واحدة .
تفسر الحرية بأنها كل مسموح لا يبيح التعدي
على حرية الآخرين إلا إذا منحونا حق التعدي على حريتهم ويكون ذلك ضمن صك وصاية أو
ولاية تقره الآلية الديموقراطية وله مرجعية في النظام السياسي . مثلا من حق
المواطن أن يسير بطريق ومن حق الشرطي توقيف المواطن إذا تبين له أنه يخرق القانون
. ومثال أبسط من حق المواطن أن يتعلم في
الجامعة ومن حق معلمه إرشاده للنجاح ومنعه من تفكير بشكل مضر بمصلحة الآخرين .
فالحرية بشكلها المبسط تعمل ضمن حدود مرسومة مسبقا من قبل النظام السياسي وثابتة
في الاستراتيجية القومية ، مما يجعل عملية التفكير السليمة تبحث عن أتباع للفكرة
داخل حدود الحرية ومن ثم تبنيها من النظام السياسي ضمن العملية الديموقراطية ، أما
غير هذا الأسلوب فيسمى التمرد أو حركة انعزالية انفصالية عن الكينونة البنيوية
لأسس المواطنة ضمن مفهوم الدولة الحديثة .
ومن هنا نرى أن الحرية الفكرية بحاجة تلقائية
للديموقراطية ، حيث تتم أهم عمليتين في عملية التفكير القومي وهما مناقشة الأفكار و التفاف الجماهيري حول
الأفكار . ومن مهم جدا اسيعاب مفهوم الديموقراطي ضمن هاتين العمليتين الأساسيتين .
فكما للمواطن حرية التفكير فمن البديهي أن
يشارك المجتمع بتصويب أفكاره ضمن إطار احترام حرية التعبير وحرية المشاركة وتدوال
الأفكار بين المواطنين ، ومن ثم فإن الأفكار المتقاربة تتكل لتشكل الأحزاب
السياسية ، والتي تقوم بعمل دراسات تفصيلية لتوفق بين الأفكار الجديدة وباقي
مكونات البناء الفكري العلمي . أما مايسمى بالجمهرة المظلمة فلا تتعدى حدود
مجموعات انعزالية تمارس طقوسها في داخل الدولة بدون الانضمام لآلية البناء الفكري
العلمي مما يشكل حواجز بين المواطن الرافض للمواطنة والعملية الديموقراطية ، وهذا
بدوره يفقد المواطن الغير منضم لهذه المجموعات حق الاختيار أو مناقشة الأفكار مما
يسبب ببتر هذه المجموعات من العملية الديموقراطية وباقي مكونات البناء البناء
الفكري العلمي . ولهذا فإن كل الأفكار
التي لا تدخل العملية الديموقراطية مرفوضة من النظام السياسي ويحق له العمل على
تفكيك هذه المجموعات بقوة القانون وشرعية الدستور .
أما الأفكار العلنية فهي أفكار ديموقراطية
حتى لو طالبت بتغيير بنود من الدستور أو قرار حكومي أو برلماني ، وهذه الأفكار
تعمل بأسلوب التنظير الحزبي السياسي والدعايات الانتخابية وقد تتجاوز مفهوم طرح الأفكار لممارسة الفعلية
من خلال المؤسسات الغير حكومية المرخصة من قبل مؤسسات الدولة ، فالكثير من أفكار
المنظمات الغير حكومية شكلت صيغة قرارات برلمانية في العديد من الدول الغربية .
وهذه المساحة لتجربة الأفكار تحقق جزء من العدالة الاجتماعية لذوي الأفكار الجديدة
الغير قادرين على جمهرة المواطنين حول أفكارهم الجديدة .
ومن هنا نرى أن النظام السياسي يتجاوز مفهوم
الحفاظ على الدستور وتنفيذ الخطة السياسية الفائزة بأغلبية أصوات الناخبين لتشمل
إدارة شؤون الدولة في المؤسسات الحكومية والغير حكومية .
فالقاعدة الشعبية تقع في المؤسسات الغير
حكومية والنقابات والسبب أن هذه المؤسسات – إن كانت تعمل بطريقة ديموقراطية – تقوم
بوضع خطط سنوية وتغير قياداتها كل عام نقابي . لذا فإن جماهير هذه المؤسسات تبحث
عن تغيير سريع ضمن خطط قابلة لتطبيق خلال عام وإلا فإن صندوق الاقتراع سيغير الخطط
والقيادات ، ولمجرد فهم هذه آليه علينا أن لا نتصور أن النقابة تشكل حكومة مصغرة ،
بل هي عبارة عن خدمة لفئة مجتمعية محدودة الأهداف ولا تتعدى مفهوم قطاع الخدمات
للمواطن دون وعود بتغيير قرار سياسي حكومي أو برلماني ، ما تقوم به النقابات هو
بناء مشروع القرار وطرحه على الأحزاب السياسية والبرلمان ، وهناك تتداخل الأفكار
وتتقاطع المصالح .
إذن فهناك مراحل لابد أن تتبع لصياغة قرار
السياسي أو مجرد التعديل على قرار قديم ، أما طرح باقة من التغييرات تشمل مجموعة
كبيرة من القرارات فإن هذا يتجاوز حدود مقدرة النقابة الواحدة وهو بحاجة لحزب
سياسي يتبناها ضمن خطته السياسية ويقوم بالترويج والدعاية لها ضمن حملاته
الانتخابية .
ومن هنا نرى أهمية أن تتشكل الحكومة من الحزب
السياسي ذو غالبية برلمانية تتجاوز 95% . وهذا بدوره غير مقبول شعبيا أو من
الشركات الاحتكارية أو القوى الدولية لعدة أسباب أهمها أن الديمواقراطية حصرت حرية
التفكير بالاتجاه واحد وهذا بدوره يصادر حق الاختلاف بالرأي مما يسبب الثبوت
السياسي والذي بدوره يؤدي إلي الركود الاقتصادي فتصبح الأسواق مغلقة ويتوقف تمدد
الرأسمال لاستثمار القومي مما يمنع خلق فرص عمل جديدة وهذا المسبب للافلاس السياسي
. والحل الديموقراطي يمكن بأن الانتخابات تكون في تعددية حزبية تتكل حول خطتين
مقترحتين – على الأقل - لعمل الحكومة بالمرحلة القادمة ، وبعدما يختار المواطنين
إحدى الخطتين عبر صندوق الاقتراع ، فهذا يعني أن مهمة الحزب السياسي اختيار أعضاء
الحكومة القادرين على تنفيذ الخطة بينما الحزب الخاسر فيشكل ما يسمى بحكومة الظل ،
وحكومة الظل مازال غير فاعلة في العديد من دول العالم الثالث ومفقودة بالعالم
العربي ، إلا أنه من الضروري تشكيل حكومة ظل كاملة لها خطة عمل شاملة وتعمل على
مراقبة عمل الحزب الحاكم في كل قرار يتخذ في جميع الاختصاصات وشرح للمواطنين أن
الحزب الحاكم مخطأ بخياراته ، فالمعركة لا تنتهي عند صندوق الاقتراع بل تسير خطوة
بخطوة بين الخطتين ، إذن فلا خاسر ولا كاسب من الانتخابات ، بل هناك نظرية عكسية
حيث أن الخطة الفائرة توضع على محك التنفيذ فتغوص بديلاكتيك النظرية والتطبيق مما
يفقدها الكثير من بريقها وجماهيريتها مهما كانت كفاءة الحكومة وفعالية قراراتها ،
بينما حكومة الظل تبقى محصورة بالتنظير السياسي وترتيب مكونات فكرتهم البديلة .
وهنا يأتي دور الاستقطاب البرلماني حيث تسعى حكومة الظل على استمالة أعضاء
البرلمان لخطتهم المعدلة والمنقحة ، وهناك أمثلة عديدة تدلل على نجاح حكومة الظل
بتغيير قرار برلماني وأحيانا قليلة تقلب الطاولة وتصبح لها غالبية برلمانية وتصبح
قادرة على تشكيل الحكومة .
أن عضو البرلمان المنتخب ضمن خطة عمل يملك
حرية تغيير انتماؤه للخطة إذا رأى عن ذلك يخدمة المصالح الاستراتيجية القومية
العليا للدولة ، وعلى الرغم أن هناك العديد من الانتماءات تم تغييرها لأسباب لا
علاقة لها بالاستراتيجية القومية بل جاءت نتيجة للابتزاز السياسي أو الطموحات
المنحرفة لأعضاء البرلمان . فالدخول في جدال بالاستراتيجية القومية يعني أن النظام
السياسي بحاجة لحكومة انتقالية لانقاذ الاستراتيجية القومية .
ولفهم الاستراتيجية القومية علينا أن نحددها
بإطارها العام الأمن القومي والذي يشمل على حماية حدود الوطن وحماية المواطن
وممتلكاته الخاصة والعامة ويضاف لها الأمن الغذائي والأمن المائي وأمن الطاقة وهذه كلها تشكل الحاجات الأساسية لبقاء واستمرار
المواطنة . فلا مواطنة خارج حدود الاستراتيجية القومية ، ومهما كانت الأفكار
انتهازية وانعزالية فهي تقر بأهمية بقاء واستمرار مسببات المواطنة ، والاختلاف بين
الأحزاب السياسية يبقى محصورة بوضع خطط سياسية تناسب حاجات الاستراتيجية القومية
العليا وتحقيق مستوى مرضي للعدالة الاجتماعية بين المواطنين ، فلا يعقل أن تطرح
أفكار سياسية تمنع الطعام أو الماء عن المواطنين ثم يطلب من المواطنين انتخاب من
يطرح هذه الأفكار ، وهذا الأمر يساق على باقي مكونات الاستراتيجية القومية العليا
فهي عامل مشترك بين كل الأفكار السياسية التي تطرحها الأحزاب السياسية وكذلك
المنظمات الغير حكومية وحتى أصحاب الأفكار الجديدة .
إذن فحرية التفكير التي تشكل آخر سلسلة من مكونات
البناء الفكري العلمي لابد أن تطرح ضمن حدود الاستراتيجية القومية العليا دون
استباحة حق المواطنة وإبقاء خيارات الأمة مما يدعم الاستقرار بقاء الاستراتيجية
القومية العليا عند حدود تبقي حق المواطن بالعيش الكريم .
أن فكرة التمرد على النظام السياسي لا تعني
التمرد على الاستراتيجية القومية العليا ، فمهما كانت أفكار النظام السياسي فهو
مجبر على توفير الأمن والماء والغذاء للمواطن ، حتى ضمن إطار الالبرالية الجديدة
فهي لا تلغي الاسترايجية القومية ، بل تطرح أن القطاع الخاص والشركات الاحتكارية أقدر
من الحكومة على توفير الأمن والغذاء والماء والطاقة بأسعار تناسب القدرة الانتاجية
لكل مواطن وقدرته الشرائية . فأصبحت شركات الأمن والحماية تقوم بأكثر من 60% من
مهام كانت توكل للقطاع الحكومي ، وكذلك الأمر لباقي مكونات الاستراتيجية القومية ،
فحتى حدود الدولة ومعابرها تدار بواسطة القطاع الخاص .
في ظل كل هذا يظل موضوع البناء الفكري العلمي
من المسلمات في المجتمعات الغربية بينما المجتمعات العربية لم تحدد أفكارها ولا
بناؤها العلمي .
لمجرد عرض مثال مهم أصبح منتشر في أكثر من قطر
عربي ، وهو فقدان الأمن داخل حدود الوطن ، وخطر الموت الذي ينتظر المواطن بشوارع
وطنه الذي يحب ، فهو قتل مرعب والمستهدف ليس الإنسان بل المواطن الساكن داخل هذه
الكتلة البشرية . كل هذا يأتي باسم الحرية وخدمة المجتمع بأسلوب ينتهك كل حقوق
المواطنة ويبيح التخلص من الفئة الباغية لمصلحة السواد الأعظم من المجتمع أدخل
المواطن بدائرة أما أكون أو لا أكون بصراع همجي لغريزة البقاء حتى لو كان على بحر
من دماء أبناء البلد وأطلال الوطن .
إن الحرية بحاجة لمواطن قوي بحب الوطن وقابل
لمناقشة أفكاره مع أبناء بلده مما يخدم الجميع ، إن مجرد فكرة إقصاء مجموعة
مجتمعية واعتبارها مارقة ولابد معاقبتها يلغي أهم جزء في التكوين البشري وهو العقل
، فعملية التعقل هي ما يميز الجنس البشري عن غيره ، ولا يوجد مكان داخل الجسم
البشري يحدد مكان العقل ، فهو سلسلة من التفاعلات المتداخلة تحدث بالدماغ والحواس
والجهاز العصبي والقلب تؤدي للوصول لتعقل سليم لا يستطيع أعظم حواسيب العالم على
حساب عملية تعقلية بسيطة فما بال ذوي الآفكار الجديدة يجردوا أفكارهم من كل فنون
التعقل ويلغوا أسس الحوار وتغليب المصلحة الوطنية على ما سواها .
أن التعقل في عملية التفكير هو الذي يحدد أن
هذه الفكرة راجحة أو مارقة ، ودون التعقل يصبح موضوع قتل الإنسان وقتل الخروب
بمستوى واحد ، وإذا سمح لصاحب الفكرة على تنفيذها ، فالتعقل يرجح قتل الخروف لأنه
ضرورة للأمن الغذائي بينما قتل الإنسان فهو يضعف القدرة الانتاجية للمجتمع ، فهو
إدخار قوة منتجة لمرحلة قادمة . فقتل الإنسان غير مبرر إلا إذا أضر بالاستراتيجية
القومية العليا .
أما المرحلة الثانية في عملية التعقل فهي
ترتيب وتصويب الفكرة ، فعندما يتوصل الإنسان أن هذه الفكرة راجحة يبدأ بتوسع
بتفاصيلها وشروحاتها ، والغاية أن تكون مقنعة عندما يقرر الإنسان إباحتها لتدوال
بين مجموعة من البشر لتصبح عملية التعقل جماعية ، وهي ما تسمى حلقة الأمان للفكرة
، حيث يتم تحصينها وتصويبها لتصبح مقنعة دوائر حلقية تتداخل مع حلقة الأمان ، وهذا
يشكل شبكة الدفاع عن الفكرة وبدون هذه الشبكة تسقط الفكرة في جحور الحركات
الانعزالية الانفصالية أو تضمحل داخل المجتمع مسببة بؤر لتفسخ المجتمعي ، أما إذا
تعززت شبكة الدفاع للفكرة فهي تصبح نواة الأولى لفكرة ديموقراطية قابلة لتداول
السياسي وتدخل مبارزات التنظير الحزبي .
أن مجرد منع حرية التفكير قادر على إنهاء
الوطن والمواطنة ، ومن هنا جاءت فكرة الفوضى الخلاقة لتطرح كل الأفكار القديمة
والجديدة المارقة والراجحة كلها متساوية في أهلية القبول ، لاغية التكوين التراكمي
لعملية التعقل وهذا سبب إلي كسر حلقات الأمان لمجموعة مهمة للأفكار لها إجماع وطني
بين الأحزاب السياسية مما سبب لدمار شبكات الدفاع عن الأفكار الراجحة .
أن الوضع معقد لأي فكرة بدون حلقة أمان
للفكرة وشبكة دفاع لها تحول التنظير الحزبي لمجرد ردح سياسي بداية وينتهي بالعنف
وفرض الفكرة بالقوة ليتجاوز مفهوم تدوال الأفكار والاحتكام لصندوق الاقتراع وحتى
مفهموم تدوال السلطة بين حكومة العمل وحكومة الظل .
إن طروحات قديمة تعود بشكل جديدة لمفهوم
أهلية المجتمع للديموقراطية ، فهذا المفهوم دخل على المنطقة العربية من قبل عصبة
الأمم التي منحت الحلفاء حق الوصاية على الوطن العربي المقتطع من دولة الخلاقة
العثمانية ، والمجزأ بين دول الاستعمارية ( بريطانيا – فرنسا – أسبانيا – إيطاليا
) .
ومن ثم شكلت الدولة الحديثة في الأقطار
العربية وفق دساتير وضعها الاستعمار وقانون مترجم أغلبه حرفيا من القوانين
الأوروبية .
ولا أحد يتصور أن الوصاية ما زالت طوعا في
بعض الأقطارالعربية ، بينما أقطار أخرى اختارت مناهج جديدة لكنها كلها تشترك
بالاستراتيجية القومية العليا ولا يخلو دستور في كل العالم من قاعدة هرم ماسلو
للحاجات الانسانية ( الأمن +الغذاء+الماء+المسكن).
أذن المشكلة ليست من يحكم ومن المعارضة مادام
هناك نظام سياسي متفق عليه واستراتيجية قومية تراعي العدالة الاجتماعية . المشكلة
تكمن بتشكل طبقات حاكمة دائمة تمنع تداول أفكار جديدة في الحياة السياسية مما
يساهم سلبا على البناء الديموقراطي من مستوى القاعدي في النقابات إلي مستوى القرار
في المكاتب السياسية في الأحزاب .
إن هذا الركود السياسي المشكل قسرا طبقة حاكمة
هو السبب الرئيسي بتخلفنا الديموقراطي موالاة ومعارضة ، كما هي الأحزاب الحاكمة لا
تغير أعضاء المكتب السياسي إلا بانتخابات تجميلية محدودة فإن المعارضة تمارس نفس
التصرفات ، وما تعاطف الشعبي معها سوى لإنها تعاقب وتظلم فالقرار الشعبي هنا يقف
ضد الظلم دون أن ينزه المعارضة أنها ستقوم بنفس الممارسات إذا حكمت .
هي متاهة في دهاليز المرايا والضوء القوي ،
فمهما كانت قدرة المواطن على التعقل فالدهاليز أصعب من أن توصل بر الأمان السليم ،
وإن كان العقل البشري غير قادر على تركيز بأمرين بنفس الوقت – وهو ما يفسر أن بهلوانات
السيرك بألعاب خفة اليد ينتصروا على أن أذكى البشر – فما بالك عن تفكر بكل هموم
المواطنة والوطن .
هنا الموضوع المفبرك من الفوضى الخلاقة ضد
المواطن العربي ليفقد ثقته بكل الأفكار والحلول التي قد تحل مشاكله المزمنة منذ
أكثر من مائة عام من حكم دساتير الوصاية الاستعمارية ، ورفضه لطبقات الحاكمة
موالاة ومعارضة بصرخة أراد لها أن تجعل العنف والعنف المضاد هو وسيلة المتاحة
لتفكير المواطن العربي ، فإذا أراد المواطن طرح فكرة جديدة فلا يشكل لها حلقة أمان
من الأنصار وشبكة جماهيرية لدفاع عنها ، بل المطلوب الرصاص وقتل الوطن وبيع أنقاضه
في سوق الدولي للخردوات .
بقلم
خالد أبوعدنان – ولدت لاجئا وأعيش مهاجرا
No comments:
Post a Comment