Friday, 19 September 2014

مقال بعنوان : الصمود بألوان الصبر

مقال بعنوان : الصمود بألوان الصبر
ليس سهلاً أن نصمد على عدوان طال كل ما حولنا ، ولعل الصمود يعد أسطورة أكبر من المقاومة المسلحة . أن نصمد يعني بقاؤنا أحياء رغم محاصرة الموت لنا وأن نتباهى بقدرتنا على البقاء في زمن موتنا السريري ، فلا يوجد مساومة كبيرة بين الموت بالمطبخ أو على فراش نومنا فلا خطط مسبقة تنفع ولا سرعة بديهة تدفع الموت لساعة نجاة مفقودة .
في فلسطين ... في غزة قبل أن تنسوا أنها من فلسطين ، فالكثير أصبح ينعتها غزة ، وهي أرض فلسطينية تضم كل من المدن التالية خان يونس ورفح  وغزة  والقرى المحيطة بهنّ . ويتفنن البعض بوصفهم المحافظات الجنوبية من دولة فلسطين . أما الآن فهي فلسطين كل فلسطين بجرحها المفتوح أمام العيون وهي رفضٌ لكل رافضيها من الوجود فهي رمز الصمود .
في فلسطين ... تخوض الأم الفلسطينية معركة ضارية للوصول لمطبخها وتعمل في ظروف معركة انتحارية لتُحضّر طعاماً لأطفالها الجياع ... أطفالها التي تخشى أن يموتوا – من صاروخ صهيوني غادر – قبل أن تعود لهم بلقيمات صنعتها من خوفها لتخفف من خوفهم .
في فلسطين ... لا تجد الأم الفلسطينية ماءاً يكفي لأي شيء ، فاستحمام ترف المبذرين وشطف البيت من كبائر المحرمة أما شرب الماء فما تيسر منه للكبار وما يروي عطش الصغار .
في فلسطين ... أبٌ حضن أطفاله ، يتحدى الموت ويصرخ أقتلني قبلهم ، أب يصرخ بأطفاله لا تموتوا لا تموتوا ، لا تتحركوا من هنا ... أركضوا للحائط الداخلي ... لا تنظروا من الشباك ... لا تشعلوا شمعة ... إلعبوا تحت السرير ... لا تناموا فوق صدري ... لا تبكوا في أُذني ... لا تضحكوا في عيني ...
في فلسطين ... ممنوع التجمع لأكثر من شخص واحد ... ممنوع السير بالشوارع ... ممنوع نوم على أسطح المنازل ... ممنوع عيادة المرضى ... ممنوع زيارة الأقارب ... ممنوع الذهاب للمدرسة ... ممنوع العمل ... ممنوع الرياضة أو الفن ... ممنوع صلاة جنازة ...
في فلسطين ... أطفالنا رجال ... يبكون خوفاً علينا لا خوفاً من صهيون ... يلعبوا ويضحكوا ويصروا على الحياة ... يُطْعِمونا بأيديهم ... ويطمئنوننا ... لا تخافي يا أمي أننا معكي ... لا تقلق أبي نحن هنا لنحميك ... نحن عصافير الجنة ... نحن للصهيون طيور أبابيل ...
في فلسطين ... نفتح بيوتنا للنازحين ... للذين هُجِروا ... للذين هُدِمت منازلهم ... لبقايا الشهداء ... وشظايا الجرحى ... ودموع الأسرى ... ودعاء السلامة للمقاوميين ... نُكرمهم من طعامنا وخوفنا ... ونتقاسم الفراش والرعب ... ونصلي معاً ... لهدنة ... لوقف العدوان ... لفك الحصار ...
في فلسطين ... نصل ونوصل ونتواصل عبر كل الاتصالات ... إن وجدت الانترنت ... إن وجدت كهرباء ... إن وجدت خطوط الهواتف ... نسرع ونبشّر الجميع أننا مازلنا صامدون ... ونسألهم هل مازالوا صامدون ... صامدون أحياء ... وآخرون شهداء ... وأخيرون خطفهم الأعداء ...
في فلسطين ... يوجد حزن مُفرِحْ ... يوجد خوف مُبْهِج ... يوجد صبرٌ يضحك ... ودمعٌ يرقص ... تهبط الملائكة والشياطين ... تحسم الإرادة الإلاهية ... فإما جنة فوق السماء ... أو جهنم تحت الأرض ... وحدنا لا ننتظر القادم ... ونهجم للأمام ... حيث الأمان ... إلي جنتنا أرضنا الفلسطينية .
في فلسطين ... يتلون الصمود بألوان الصبر ... ونصبر ونتصابر ... وندعوا الصبور ليصبرنا ... صمودنا صمد وأعتكاف ... صمودنا جلد وإلتفاف ... صمودنا ليس كلمة تقال ... صمودنا فعل وأعمال ... صمودنا حب الحياة ... صمودنا أمل الحرية ... صمودنا فك الحصار ...
في فلسطين ... نتعلم أننا وٌلِدنا صامدين ... مرابطين ... مناضلين ... مقاومين ... فلسطينين .
خالد أبوعدنان

ولدت لاجئا وأحيا مهاجرا

No comments:

Post a Comment