Friday, 19 September 2014

مقال بعنوان : القرار السياسي الجماهيري

مقال بعنوان : القرار السياسي الجماهيري
تتمسك الرئاسة الفلسطينية بالوحدة الوطنية لحماية القرار الفلسطيني المستقل الذي يطمح لإنجاز مكسب سياسي على الصعيدين المرحلي والاستراتيجي . ولعل أهم إنجاز استراتيجي هو التلاحم السياسي الداخلي على أرضية قبول مبدأ المفاوضات والحفاظ على النظام السياسي وقبول الحكومة الإسرائيلية التعامل مع حكومة الوفاق وكذلك الأطراف الدولية والأقليمية ، أما مكاسب المرحلية المطروحة فهي فك الحصار عن قطاع غزة فلسطين والحصول على السيادة الفلسطينية الكاملة عليه . وهذه هي النظرة المتفائلة لنجاح مساعي القيادة الفلسطينية ، ويمكن القول أنها متفائلة جدا ، لأنها تتعرض لهزات عميقة في الحراك السياسي الداخلي والمحيط الأقليمي ، بغية الانجرار وراء عسكرة السياسة ، وأفقادنا القدرة على المناورة السياسية .
إن بساطة الفكرة القائلة أننا نفرح لضرب العدو وقادرين على تحمل ردات فعله الإجرامية ضد المدنيين يعتمد على عاطفية الجماهير : أي انفعالها بالأحداث أو نظرتها البسيطة السريعة إلي الأمور دون ربطها بعمق المصلحة العامة أو المنفعة الفردية بعيدة المدى فهي تصرفات لحظية تتغير وفقا لحجم حاجة الفردية والضغط المجتمعي المحيط ، ولا يمكن للقيادة الثورية أن تخضع قرارها لمثل هذه الأمور الانفعالية العاطفية بل بوضوح الأفق السياسي والقدرة على تحقيقه . إضافة إلي أن أن اختزال العمل الثوري في مجرد خوض معارك قتال دون الاعداد لحرب شعبية الامد وخط سياسي واضح يخلق عقبة فعلية في وجه الثورة من خلال تحولها لمجدر فورة وهبات فوضوية .
إن ما يطرحه العسكر هو قسوتنا رد فعل لقسوة العدو ، وهوما قاله فانون : ظلوا يقولون له أنه لا يمكن أن يفهم الا لغة القسوة ، يحزم أمره الآن ، على أن يعبر عن نفسه بلغة القسوة ،  وهو يرسخ مفهوم رد الفعل الحرج أي ليس هناك من لغة مشتركة مع القوى التسلط سوى لغة مماثلة للغتها لغة القسوة ، ومع ترسيخ اليأس من الحوار السلمي أو الرضوخ ، يترسخ الاحساس بضرورة العنف والا تحول الشعب إلي ضحية دائمة ونهائية فيكون رد الفعل الحرج المجابهة أو الفناء . وهذا كله مرفوض حاليا لأنه غير مبني على أساس مصلحة الجماهير بل مجرد دعاية حزبية ضيقة لكسب شعبية زائفة في أوساط الشعب الفلسطيني وكذلك المحيط الأقليمي والدولي مما يخلق عقدة التركز حول الذات أي عقدة الاستعلاء وكأن العالم كله يجب أن ينتظم انطلاق منه هو وتبعا لوضعه هو ، وهو أيضا تماهي العظمة أي العجلة في القرارات والتسرع بالسلوكيات والجبروت على المجتمع المقهور مما يشكل عقبة أمام حرب الشعب طويلة الأمد بسبب الانهيارات الداخلية لمكونات الثورة  مما يسبب انهيار الثورة أو الدخول في مرحلة انشطارها إما بالانشقاقات الحزبية أو الحرب الأهلية . إن ما تقوم به حركة حماس ينحصر بديماغوجية أي مجموعة الأساليب التي يتبعها السياسيون لخداع الشعب وإغراءه ظاهرياً للوصول للسلطة وخدمة مصالحهم وهذا يسبب انهيار مفهوم النظام السياسي ويدخلنا بمتاهات انقسام سياسي جديد .
إن اعتبار كل الشعب هو جمهور للثورة ومطالبين بخدمتها والعمل على حمايتها ، هو فهم مقلوب للعمل الثوري الذي يعتبر أن هدفه الأساسي تحقيق طموحات الشعب بالاستقلال استراتيجيا كحد أدنى تعمل على حماية مصالح الشعب  والدفاع عنها مرحليا ، سعي منها لخلق جماهير ثورية تقوم باحتضان الثورة ودعم عملها والتفاعل معها ، وعلى الثورة تثقيف الشعب بأسلوب عملها وخطها السياسي . أن الحفاظ على القرار السياسي مستقلا يستند أسس ثلاث وهي أن القرار له شعبية في المجتمع تتعدى حدود جماهير لثورة لتشمل كافة فئات الشعب ، والثاني الوحدة الوطنية بديل للحزبية والتبعية ، والثالث القدرة على الحفاظ على شعبيته والتلاحم السياسي حوله من قبل الفصائل والأحزاب السياسية .
إن القرار السياسي الجماهيري هو المسعى الحقيقي لاستمرار النضال حتى تحقيق هدفنا الاستراتيجي بالاستقلال وإقامة الدولة الفلسطينية على كامل التراب الفلسطيني ، أما اللاهثين على سراب مكاسب آنية مختصرة بمكاسب سياسية حزبية ضيقة ، فهم كم يعيش داخل فقاعة هواء سريعا ما سيكتشفون حجم ما خسروه بسبب عدم مراعاتهم مسؤولية إرهاق الشعب والتملص من مسؤولية حمايته وتوفيرحاجاته الأساسية ، وكأن نظرية أعدوا هي نظرية حربية لانتحارنا الجماعي . أن استمرارية الثورة مرهونة بقدرتها الدائمة على كسب جماهير ثورية حقيقية ، وهم الذين بحمون الثورة في مراحل الجزر الثوري أما الراقصون على دمنا المنهار ويهللون للانتصار فهم سريعا ما ينسحبون وإلي ظلام يهربون . فمشوارنا مازال طويلا وأننا لن نرضى بأقل من تلبية طموحات الشعب الفلسطيني بالعودة وبناء الدولة .
خالد أبوعدنان
ولدت لاجئا وأحيا مهاجرا  

No comments:

Post a Comment