Friday, 13 March 2015

تاريخ عمل الأشبال والزهرات في فلسطين

تاريخ عمل الأشبال والزهرات في فلسطين
يعتبر المجتمع الفلسطيني من المجتمعات المنفتحة اجتماعيا ، من خلال مشاركة المرأة الفلسطينية بالعمل وكذلك الأشبال والزهرات . ومجرد عودة للتاريخ فإننا نرى هذه المشاركة فاعلة بالقرى بالأعمال الفلاحية وكذلك بالبادية ومهام الرعي والمراقبة وجمع الحطب كلها مهن للأشبال وزهرات ، وإذا انتقلنا للمدن فالوضع سيكون أكثر وضوحا ؛ حيث كانت تتم تعلم المهن كافة عن طريق التدريب المباشر في الورش والمعامل والمتاجر ، ولم تكن مقتصر عملية التدريب على الجوانب الحرفية ، بل كانت تشمل على تعلم فن التعامل مع الزبائن وأمور التربية المجتمعية .
ومع دخول الانتداب البريطاني عام 1917 لفلسطين ، تم تغيير العديد من القوانين واستحداث قوانين بخصوص عمل الأشبال والزهرات ، مما دفع الأهالي لتعليم أبناؤهم وبناتهم في كليات التدريب المهني مثل كلية سراتنطا وخضوري ، كما أن مؤسسة الكشاف الفلسطيني أقامت العديد من الدورات التأهيلية مثل الحياكة والنجارة والحدادة ، وكان هناك العديد من المؤسسات الوطنية التي تحاول مساعدة الأشبال والزهرات للانخراط في سوق العمل .
وفي منتصف العشرينيات خصص الشاعر الفلسطيني الكبير ابراهيم طوقان ساعة يوميا من إذاعة فلسطين لتقديم المواهب الصاعدة والتي تشمل على إلقاء الشعر والأغاني الوطنية ، وحتى الحزازير والأمثال الشعبية ، ومن المواهب التي اكتشفها في ذلك البرنامج ، كان الشاعر الشهيد عبدالرحيم محمود صاحب قصيدة : سأحمل روحي على راحتي وألقي بها في مهاوي الردى .....
وفي منتصف الثلاثينيات من القرن الماضي ، بدأ تنظيم حمل السلاح ضد توسع الاستيطان الصهيوني على أرضنا وتشكيل خلايا مقاتلة وكان القادة الكبار مثل ابراهيم الكبير وجمال الحسيني وبهجت أبوغربية والشيخ البلعاوي وغيرهم الكثير ، يولون اهتمام كبير لاعداد المقاتلين الشباب وخاصة في سن الأشبال والزهرات ، فتم تأسيس مؤسسة النجادة في مدن الساحل الفلسطيني والفتوة في المناطق الداخلية .
وأُفضل أن أروي مهام الأشبال والزهرات في مؤسسة النجادة على لسان أحد خريجيها ، الشهيد الرمز أبوأياد صلاح خلف  : كنا نتدرب على كل شيء وكان مدربنا يطلب منا التجسس على المستوطنات القريبة ومعرفة ما يجري داخلها ، لم نكن نعلم أهمية ما نقوم به ونحن نعد السيارات الداخلة والخارجة ولم نكن نعرف لماذا علينا أن نعرف كم مرة يذهبون لنبع المي ، او أي ساعة تأتي شاحنة الهاجاناة ، لكن معلوماتنا كانت أساس أي هجوم فدائي ، وجمع المعلومات الاستطلاعية هام جدا ، ولا نقلل من عمل الزهرات في محيط ميناءي حيفا ويافا فلقد قمن بتذكر أعداد المهاجرين الجدد والنوع الحمولات وغيرها ، أما على جانب الامداد فكنا نحمل الأطعمة والماء للثوار المختبئين بالبيارات ، وكانت الزهرات دائما أفضل وأشطر منا من ناحية   تمويه وسرعة الحركة ، ربما لأننا تعودنا طيلة عامين البقاء جالسين قبل المستوطنات . وفي مهمة كانت غاية في الصعوبة ، كنا نقوم بنقل الرسائل من الثوار لأهليهم لطمئنتهم على صحتهم .
أما إذا تكلمنا عن حركة فتح ، فهي استمرار لنفس العفوية الفلسطينية في التعامل مع واقعها الثوري منتهجة حرب الشعب طويلة الأمد أسلوب ملحمي يفتح المجال لكل أبناء وبنات شعبنا الفلسطيني ليساهم في عملية تحريرالوطن السليب ، فمنذ مراحل التأسيس السرية تم البدأ بخلق المؤسسات النقابية والشعبية وتأطير الشعب الفلسطيني بها ، حتى قبل تشكيل منظمة التحرير الفلسطينية نفسها ، فتأسست الاتحادات الطلابية والمهنية وأيضا إتحاد المرأة الفلسطينية .
ولعل الكثيرين ينظر للشهيد البطل الأخ صخر حبش كصاحب قرار إنشاء مؤسسة الأشبال في عام 1967  ، وهذا تسجيل سليم لاستقلال مؤسسة الأشبال عن الاتحادات الطلابية والمليشيا الشعبية ، بمعنى أن الأشبال كانوا موجودون ضمن أطر مختلطة مع مؤسسات كبرى ، وكان يتم تخصيص ساعة صباحية لهم في معسكر الكرامة في وادي نهر الاردن وكذلك في معسكر الهامة في المرتفعات السورية الجنوبية. إضافة لقبولهم متطوعين في مؤسسات الثورة المختلفة .
وفي عام 1968 ، كان هناك حاجة لخلق مؤسسة الزهرات أو توسيع مفهوم مؤسسة الأشبال لتتسع لنشاطات خاصة بالزهرات ، خاصة بعد تميزهن بالأعمال الإذاعية والفنية ، إضافة لأعمالهن التطوعية في أعمال الحياكة والتمريض ، وكما  كان يقول الشهيد حبش دائما كنت أقول للأشبال : تنشطوا وشوفوا الزهرات دائما عندهن عمل تطوعي ومبدعات .
 إلا أن تطورات القضية الفلسطينية المتلاحقة فرضت على أشبال وزهرات فلسطين ، أن يتعدوا مفاهيم وأصول الحرب الشعبية ، حيث أن دورهم الاسناد والدعم ، كما كان في النجادة والفتوة في ثلاثينيات القرن الماضي ، لقد فرضت أحداث اجتياح الجيش الإسرائيلي الغادر للأراضي اللبنانية ، أن نقاتل العدو بكل قوانا ، ولعل أطفال آربي جيه كانوا أمثولة بالفدائية وملحمة بطولية ، حيث دافعوا ببسالة عن مخيماتنا ومعسكرات الثورة ، وكان لهم دور أساسي في حرب الشوارع خاصة في مدينتي صيدا وصور .
وفي النظر لأطفال الحجارة في الوطن المحتل ، فقد أجمع المعلقين والمتابعين للانتفاضات والحروب التي خاضها الشعب الفلسطيني ، أن هناك تلقائية ثورية وملكة فدائية عند الأشبال والزهرات الفلسطينيين لا نراها في أي مكان بالعالم ، تجمع بين تخطي حاجز الخوف مع الشعور أننا جميعا مسؤوليين ولنا دور لابد أن نقوم به .
ولعل هذا ما يجعل حركة فتح تخصص جزء مهم من وقت كوادرها ، للعمل من أجل زرع بذور المستقبل لجيل بحاجة لتوجيه وتثقيف وتدريب حتى يستطيع اثراء الثورة بمساهماته وانجازاته ، ولعل أحدث تطوير على العمل الحركي بخصوص مؤسسة الأشبال والزهرات هو إنشاء أكاديمية الأشبال والزهرات الالكترونية في 1-8-2011 ، بحيث يتم تخريج دفعة سنوية للمنتسبين لها من خلال ثلاث فصول دراسية ، يشتمل كل فصل على برامج تعزز وتنمي قدرات الأشبال والزهرات المعلوماتية والفكرية والوطنية.
ختاما ، لصناع المستقبل أشبال وزهرات فلسطين ، للقائمين على عمل مؤسسة الأشبال والزهرات ، ألف تحية ومعا وسويا سوف نستمر بالنضال .

No comments:

Post a Comment