Saturday, 21 March 2015

الانتخابات في الثورة

مقال بعنوان : الانتخابات في الثورة
أصعب مهمة داخلية في أي حركة تحرر هي الانتخابات الداخلية لأنها حالة مرضية سببها الأساسي فشل قيادة الثورة بتحقيق النصر ضمن مقدرات الثورة ، لهذا السبب تكون الانتخابات عملية عسيرة الهضم على الأطر القاعدية فهي تتعامل مع واقع ميداني يتغير بشكل دائم ولا تكون له أهداف أبعد من تحقيق نصر ميداني محدود ، أما مفهوم النصر الشامل لكل مواقع النضال فيدار من قبل القيادة التي تثق بها الأطر القاعدية وتعتبرها المرجعية المخلصة ومفجرة الثورة ، هذا التكوين التنظيمي يجعل أي تغيير بالهيكلية يؤثر على فاعلية الأطر القاعدية الا إذا انتهجت القيادة أساليب ووسائل بعيدة عن الانتهازية الهرمية أو النرجسية الشيفونية .   

فالخلية الأولى تشكل قوالب متنوعة لحماية الثورة والمحافظة على ليونة أساليب العمل الميداني ، وهذه الليونة تمنح الثورة صفات مائية مما يساعد على تشكيل حلفاء وجبهات إسناد أضافة لاحتضان جماهير الثورة لكل فدائي يقوم بمهام نضالية ، هذه الليونة تمنح القيادة الميدانية والمركزية مرونة بتشكيل الأحلاف بأنواعهم المختلفة ( استراتيجي ـ مركزي ـ ميداني ـ مرحلي ـ مؤقت)  دونما إحداث أي تعديل في البنية الاستراتيجية في النهج الثوري المركزي وهي تشكل حزام الأمان الذي يحافظ على الكينونة الثورية لحركة التحرر.

كما يمنحها حرية اختيار الاتجاهات وطرق الاتصال مع حلفاء الثورة وتشكيلات الحامية لها مثل جبهة الاسناد والدعم وجماهير الثورة وأعداء عدو الثورة ، فيصبح هذا الكل المؤيد للثورة يفضل ثبات الثوري ويقاوم الديموقراطية داخل الثورة ، وهذا يعطي القيادة الثورية القوة داخل الهيكل البنيوي لثورة ومهابة لدى أعداء الثورة ، وفي أغلب التجارب الثورية كانت الانتخابات شكلية ولم تحدث أي تغيير حقيقي ،  لكن هناك ظروف العجز الثوري لدى القيادة التي تفشل في تحقيق مكاسب مرحلية أو أهداف الثورة مما يجعلها أقرب للانهيار أو الانشقاق العمودي .
إن وصول أي حركة تحرر لنقطة العجز الثوري يفقد قيادتها القدرة على الحفاظ على ثقة الأطر القاعدية ، ويبدأ في تشكيل طبقة القيادات وهي بالغالب تعمل بشكل فردي مما يجعلها ضعيفة الأداء وليس لها شعبية واسعة ، لذا تلجأ لأساليب ملتوية للحفاظ على نفوذها الفردي لخلق تكتلات ومحاور داخل الكيان الثوري ، مما يغير اتجاه الفعل الثوري من متصدي للعدو الي تصفية خلافات طبقة القيادات ، لذا فهذا الصراع  يقلل من قوة الحركة الثورية ويشتت حلفاء الثورة بين تعددية ومحاور طبقة القيادات ، فتتصدع الثورة من الداخل بسبب انحراف فكري يهدف لالغاء لغة الحوار بين طبقة القيادات التي تفتت الوحدة التنظيمية لأبناء الثورة ، مستخدمة فتنة المال السياسي وصناعة الأزلام ، مما يعطي شرعية للخروقات التنظيمية مثل الانفلاش والتجنح  ، فيصبح الرابط بين الأطر التنظيمية رابط مادي نفعي ، فتنتشر والمحسوبية والوصولية وكافة الأمراض الانتهازية.

إن هذه الأمور تفقد قيادة الثورة القدرة على فرض الانضباط والالتزام على الاطر القاعدية بسبب صراعات طبقة القيادات ، فتصبح مسألة الديمقراطية المركزية غير فاعلة والديموقراطية الشعبية ضرب من الخيال ، وتصبح الانتخابات لعبة مراكز قوى تحاول الاتفاق على صورة تمثيلية لحصة كل منها ، أما الأطر القاعدية فلا تمارس أي دور سوى دعم رأس هذا التكتل أو ذاك ، للحفاظ على مكاسب مادية دونما النظر لما يطرحه من أفكار تخدم الثورة في تحقيق نصر أو أحد أهداف الثورة .
 فيصبح أمل الأطر القاعدية بخروج قيادة جديدة تبث في شريان الثورة الطاقة اللازمة لاستعادة الوحدة التنظيمية لثورة ، ولكن طبقة القيادات القديمة تعمل على سحقها من خلال حرب صراع الأجيال ، مما يرهق القيادات الصاعدة ويجعلها قليلة الفاعلية ولا يمكنها من صنع واقع جديد قادر على إعادة الفعل الثوري وتوجيه العمل الثوري باتجاه عدو الثورة ، الا من خلال أمور صعبة المنال مثل القدرة المادية والنفوذ بين الأطر القاعدية.

إن الانتخابات في الثورة لا تغير أي شيء حقيقي فهي بند ملحق في أعمال المؤتمرات ، التي تقوم بعملية مراجعة حقيقية للمرحلة السابقة والعمل على التخطيط للعمل في المرحلة القادمة ودراسة علاقات الثورة مع الحلفاء وتعزيز لغة الحوار داخل الثورة وتقويم أخطاء الثورة  ، من خلال النقد البناء وبعد ذلك تتجمع التوجهات التي تشكل خطة عمل الثورة في المرحلة القادمة ، وتصبح بعدها عملية الانتخابات لمن هم أو هن قادرين على تنفيذ خطة العمل التي اتفق عليها المؤتمرين ،  فليس المهم الانتخابات بل خطة تخرج الثورة من مرحلة العجز الثوري .
خالد أبوعدنان
ولدت لاجئا وأحيا مهاجرا

No comments:

Post a Comment