مقال بعنوان : أينشتاين سأل فرويد لماذا
الحرب؟
قليلة هي السنوات التي عاشت فيها الإنسانية بسلام بعيدا عن ويلات الحروب ؛ وفي حسابات الطبيعة فإن الإنسانية مصنفة في خانة فريدة وهي خانة العدوان وحب السيطرة ؛ مما يجعلها تعلو على الحيوانات المفترسة في سلم نزعة القتل ؛ لأن الإنسانية تقتل أحيانا دون دوافع حقيقية سوى إشباغ رغبة القتل ، ومفهوم عالم النفس الكبير فرويد : أن أصل الانسان جماد وهو يسعى لتدمير ذاته للعودة لأصله أي جماد أو تراب ؛ هذا المفهوم فتح الباب واسعا لعلماء النفس لتأويل الهدف الحقيقي من وجود غريزة فطرية داخل الإنسان تدعوه لقتل أخيه الانسان ضمن غريزة القتل ونزعة الموت والطاقة التدميرية لذات الجنس البشري .
لقد استفزت هذه النظريات السواد الأعظم من المثقفين والعلماء في حين إعلانها، ومن بين هؤلاء عالم الطبيعة الشهير أينشتاين ؛ الذي استغرب انتخاب الألمان لهتلر والحزب النازي وأراد شرحا لهذا الجنون الشعبي الذي يسعى لانتحار جماعي فأرسل رسالة لعالم النفس الكبير فرويد معنونة : لماذا الحرب؟
ولعلي من الرافضين لفكر فرويد جملة وتفصيلا، لأسباب تتعلق بإيمانه بالنظرية الداونية التي تميز بين المجموعات البشرية وتضع العناصر الأوروبية في مراتب عليا وتضع لها هالة من التفوق والتميز تجعلها أرقى وأكثر تحضرا ، كما أنه مؤمن بنظرية الاستعمار للعالم الاقتصادي البريطاني مالتس التي تبرر قتل الأجناس البشرية البدائية ( في أمريكا و إفريقيا وآسيا واستراليا) ونهب ثرواتهم من أجل رفاهية الحضارة الأوروبية.
وسوف أعلق ناقدا على رد فرويد على سؤالين لأينشتاين مازالا محل بحث وتحري في دراسات السلام الدولي ؛ وهما ما العلاقة بين الحق والقوة؟ لماذا تتحمس الأمم لخوض الحروب؟
يقول فرويد : القوة تعادل العنف ، وأن الإنسان مفطور على تحقيق رغباته بالعنف لولا وجود كوابح يتعلمها من محيطه الأسري في مرحلة الطفولة . وأن الإنسان القوي يفرض رأيه على ما دونه ويحول رأيه لقانون لابد أن يطاع ومن يخل بالقانون يعاقب بعنف . وإن إتحاد مجموعة من الضعاف ضد إنسان قوي قد يسقطه ؛ فالوحدة تغلب القوة مرحليا إلا أنها سرعان ما تبدأ بصراعات على سلطة من يحكم ؛ وبالتالي تذهب لعنف جديد يوجد إنسان قوي آخر يفرض قانونه على الجماعة .
ورغم إيمان فرويد أن القوة العقلية تغلب القوة العضلية خصوصا بعدما ابتكر الإنسان أدوات القتل وآلات الحرب ؛ الا أنه لا يرى أن العقل قادر على كبح شهوة القتل داخل النفس البشرية .
وأبدأ نقدي لهذه النظرية بتعريف مختلف لمفهوم العنف ؛ فالعنف لا يكون أساسا لحل النزاعات بل هو الخيار الأخير للبشرية ؛ وأن غريزة البقاء عند الإنسان أقوى من غريزة حب السلطة ؛ وهذه الغريزة تبحث عن حاجات البقاء البسيطة الممثلة بالمشرب والمأكل والملبس والمسكن والشعور بالأمان وحاجته لتكاثر ، كما وضعها ماسلو في قاعدة هرم حاجات الإنسان وصنفها أنها أساسية لكل بني آدم مهما اختلفت مراتبهم الثقافية والعرقية . وأن عنف الإنسان ليس فطريا بل هي حاجة اضطرارية هدفها إعادة حاجاته الأساسية ؛ ولم تسير الجيوش إلا بإقناع الجنود أن حاجاتهم الأساسية بخطر ولابد الدفاع عنها ؛ وهو لب فلسفة ثورات الشعوب وهي غريزة الدفاع عن النفس ضد خطر يهدد بقاؤها ؛ وهذه الغريزة تلغي كل الكوابح المانعة ضمن مفهوم التضحية من أجل جماعة وحاجاتها الأساسية. إن آلية قتال الثوار لا تعتمد على قوتهم المادية بمقدار رفض إرادتهم الروحية الانصياع لقوة العدوان عليهم ، وهي قوة تلغي قانون القوة العنفية وتضع قانون الحق الدفاعي لرد العدوان وإعادة الحقوق المشروعة المنزوعة . وفي نفي تام أن القوي يسعى لتدمير نفسه من أجل السيطرة وبسط النفوذ ، نرى أن الخصم الضعيف يقدم تضحيات كبيرة ومستعد للفناء حفاظا على حريته في امتلاك حاجاته الأساسية ؛ وهذا يظهر جليا بدراسة تاريخ الاستعمار في القرن السابع عشر والثامن عشر حيث قدمت الشعوب الضعيفة أكثر من مائتين مليون ضحية رفضا للاحتلال الأوروبي للبلدان البدائية ؛ ومن زاوية ثانية فإن سيطرة الدول الاستعمارية على البلدان البدائية لم تمنعها من حروب الكبار بين بعضها البعض وهو دليل آخر أن نزعة العدوان التوسعية لا تقف عند حدود فرض قانون القوة على ضعفاء بل يتعداه لترسيخ السيطرة المطلقة على البشرية ضمن مفهوم ضمان الأمن القومي للأجيال القادمة مما خلق إخلالا حقيقيا بمفاهيم الاقتصاد السياسي وجعله يتشكل ضمن أطروحات إمبريالية تسعى لسحق أي تمرد يخرج العالم من قانون العبد والسيد .
هذه الأفكار الثورية التي غيرت مفاهيم العلم الحديث خرجت من ثورات الشعوب المضطهدة مثل نظرية العفاف والاقتصاد المغلق التي تبناها ماوتسي تونغ وسياسات مقاطعة بضائع الاستعمار التي تبناها غاندي ونظرية التمرد المتمدن التي أبدعها مانديلا ومارتن لوثر كنغ ؛ في فن الثورة التي قالت أن الضعيف يملك قوة الإرادة وهي قادرة على قهر القوة الاستعمارية العسكرية.
ولم يعرف العصر الحديث أمة ضعيفة قبلت أن تستعبد من جيش قوي ؛ ونقول أن هناك أمم قبلت أن تفنى وتم قتل أغلبها دون أن تقبل أن تتحول إلي عبيد للسيد القوي والهنود الحمر خير مثال على ذلك .
إن حماسة الشعوب لتقاتل دفاعا عن حقها بالحياة أي حقها بامتلاك الحاجات الأساسية للحياة وأهمها مسكن آمنه نسميه مجازا وطن الأحرار يجعل المحارب القوي يقف إحتراما لتضحيات ثورات الشعوب المضطهدة ؛ وهي التي فرضت قانون استقلال بلدان العالم الثالث رغم استمرار ضعفه مقابل عتاد المستعمر الشرس .
مجردا من عنجهية تفوق العنصر الأوروبي يكون فرويد بلا نظرية لها قيمة علمية فهي جزء من نظريات الاستعمار الامبريالي ؛ ودون فهم منطقي أن عالم الطبيعة الكبير أينشتاين غير قادر على فهم لماذا الحرب؟ وهي ببساطة عدوان القوي على حق الضعيف ؛ وأن هذا القوي يهرب من مشاكله الداخلية باختراع حلول سهلة من خلال استنزاف حق الضعيف ؛ ولكن هذا ليس حلا ؛ بل خلق مشكلة جديدة ، مما يعمق الفجوة بين التمدن والتحضر ؛ ونحن نرى أن القوى الاستعمارية القديمة تتعرض لهزات اقتصادية داخلية عميقة ؛ رغم استمرار سيطرتها على مقدرات البلدان الضعيفة ( المستقلة إسميا) والسبب الحقيقي أن قانون القوي تدميري لكل البشرية وأن العدل الحقيقي لا يؤمن إلا بالمساواة بين القوي والضعيف وحرية كل البشر بامتلاكهم الحاجات الأساسية للحياة وعلى رأسها مسكن آمن يسمى وطن حر عند ثوار العالم ؛ وفي ثورتنا نسميه فلسطين مستقلة حرة.
خالد أبوعدنان
ولدت لاجئا وأحيا مهاجرا
قليلة هي السنوات التي عاشت فيها الإنسانية بسلام بعيدا عن ويلات الحروب ؛ وفي حسابات الطبيعة فإن الإنسانية مصنفة في خانة فريدة وهي خانة العدوان وحب السيطرة ؛ مما يجعلها تعلو على الحيوانات المفترسة في سلم نزعة القتل ؛ لأن الإنسانية تقتل أحيانا دون دوافع حقيقية سوى إشباغ رغبة القتل ، ومفهوم عالم النفس الكبير فرويد : أن أصل الانسان جماد وهو يسعى لتدمير ذاته للعودة لأصله أي جماد أو تراب ؛ هذا المفهوم فتح الباب واسعا لعلماء النفس لتأويل الهدف الحقيقي من وجود غريزة فطرية داخل الإنسان تدعوه لقتل أخيه الانسان ضمن غريزة القتل ونزعة الموت والطاقة التدميرية لذات الجنس البشري .
لقد استفزت هذه النظريات السواد الأعظم من المثقفين والعلماء في حين إعلانها، ومن بين هؤلاء عالم الطبيعة الشهير أينشتاين ؛ الذي استغرب انتخاب الألمان لهتلر والحزب النازي وأراد شرحا لهذا الجنون الشعبي الذي يسعى لانتحار جماعي فأرسل رسالة لعالم النفس الكبير فرويد معنونة : لماذا الحرب؟
ولعلي من الرافضين لفكر فرويد جملة وتفصيلا، لأسباب تتعلق بإيمانه بالنظرية الداونية التي تميز بين المجموعات البشرية وتضع العناصر الأوروبية في مراتب عليا وتضع لها هالة من التفوق والتميز تجعلها أرقى وأكثر تحضرا ، كما أنه مؤمن بنظرية الاستعمار للعالم الاقتصادي البريطاني مالتس التي تبرر قتل الأجناس البشرية البدائية ( في أمريكا و إفريقيا وآسيا واستراليا) ونهب ثرواتهم من أجل رفاهية الحضارة الأوروبية.
وسوف أعلق ناقدا على رد فرويد على سؤالين لأينشتاين مازالا محل بحث وتحري في دراسات السلام الدولي ؛ وهما ما العلاقة بين الحق والقوة؟ لماذا تتحمس الأمم لخوض الحروب؟
يقول فرويد : القوة تعادل العنف ، وأن الإنسان مفطور على تحقيق رغباته بالعنف لولا وجود كوابح يتعلمها من محيطه الأسري في مرحلة الطفولة . وأن الإنسان القوي يفرض رأيه على ما دونه ويحول رأيه لقانون لابد أن يطاع ومن يخل بالقانون يعاقب بعنف . وإن إتحاد مجموعة من الضعاف ضد إنسان قوي قد يسقطه ؛ فالوحدة تغلب القوة مرحليا إلا أنها سرعان ما تبدأ بصراعات على سلطة من يحكم ؛ وبالتالي تذهب لعنف جديد يوجد إنسان قوي آخر يفرض قانونه على الجماعة .
ورغم إيمان فرويد أن القوة العقلية تغلب القوة العضلية خصوصا بعدما ابتكر الإنسان أدوات القتل وآلات الحرب ؛ الا أنه لا يرى أن العقل قادر على كبح شهوة القتل داخل النفس البشرية .
وأبدأ نقدي لهذه النظرية بتعريف مختلف لمفهوم العنف ؛ فالعنف لا يكون أساسا لحل النزاعات بل هو الخيار الأخير للبشرية ؛ وأن غريزة البقاء عند الإنسان أقوى من غريزة حب السلطة ؛ وهذه الغريزة تبحث عن حاجات البقاء البسيطة الممثلة بالمشرب والمأكل والملبس والمسكن والشعور بالأمان وحاجته لتكاثر ، كما وضعها ماسلو في قاعدة هرم حاجات الإنسان وصنفها أنها أساسية لكل بني آدم مهما اختلفت مراتبهم الثقافية والعرقية . وأن عنف الإنسان ليس فطريا بل هي حاجة اضطرارية هدفها إعادة حاجاته الأساسية ؛ ولم تسير الجيوش إلا بإقناع الجنود أن حاجاتهم الأساسية بخطر ولابد الدفاع عنها ؛ وهو لب فلسفة ثورات الشعوب وهي غريزة الدفاع عن النفس ضد خطر يهدد بقاؤها ؛ وهذه الغريزة تلغي كل الكوابح المانعة ضمن مفهوم التضحية من أجل جماعة وحاجاتها الأساسية. إن آلية قتال الثوار لا تعتمد على قوتهم المادية بمقدار رفض إرادتهم الروحية الانصياع لقوة العدوان عليهم ، وهي قوة تلغي قانون القوة العنفية وتضع قانون الحق الدفاعي لرد العدوان وإعادة الحقوق المشروعة المنزوعة . وفي نفي تام أن القوي يسعى لتدمير نفسه من أجل السيطرة وبسط النفوذ ، نرى أن الخصم الضعيف يقدم تضحيات كبيرة ومستعد للفناء حفاظا على حريته في امتلاك حاجاته الأساسية ؛ وهذا يظهر جليا بدراسة تاريخ الاستعمار في القرن السابع عشر والثامن عشر حيث قدمت الشعوب الضعيفة أكثر من مائتين مليون ضحية رفضا للاحتلال الأوروبي للبلدان البدائية ؛ ومن زاوية ثانية فإن سيطرة الدول الاستعمارية على البلدان البدائية لم تمنعها من حروب الكبار بين بعضها البعض وهو دليل آخر أن نزعة العدوان التوسعية لا تقف عند حدود فرض قانون القوة على ضعفاء بل يتعداه لترسيخ السيطرة المطلقة على البشرية ضمن مفهوم ضمان الأمن القومي للأجيال القادمة مما خلق إخلالا حقيقيا بمفاهيم الاقتصاد السياسي وجعله يتشكل ضمن أطروحات إمبريالية تسعى لسحق أي تمرد يخرج العالم من قانون العبد والسيد .
هذه الأفكار الثورية التي غيرت مفاهيم العلم الحديث خرجت من ثورات الشعوب المضطهدة مثل نظرية العفاف والاقتصاد المغلق التي تبناها ماوتسي تونغ وسياسات مقاطعة بضائع الاستعمار التي تبناها غاندي ونظرية التمرد المتمدن التي أبدعها مانديلا ومارتن لوثر كنغ ؛ في فن الثورة التي قالت أن الضعيف يملك قوة الإرادة وهي قادرة على قهر القوة الاستعمارية العسكرية.
ولم يعرف العصر الحديث أمة ضعيفة قبلت أن تستعبد من جيش قوي ؛ ونقول أن هناك أمم قبلت أن تفنى وتم قتل أغلبها دون أن تقبل أن تتحول إلي عبيد للسيد القوي والهنود الحمر خير مثال على ذلك .
إن حماسة الشعوب لتقاتل دفاعا عن حقها بالحياة أي حقها بامتلاك الحاجات الأساسية للحياة وأهمها مسكن آمنه نسميه مجازا وطن الأحرار يجعل المحارب القوي يقف إحتراما لتضحيات ثورات الشعوب المضطهدة ؛ وهي التي فرضت قانون استقلال بلدان العالم الثالث رغم استمرار ضعفه مقابل عتاد المستعمر الشرس .
مجردا من عنجهية تفوق العنصر الأوروبي يكون فرويد بلا نظرية لها قيمة علمية فهي جزء من نظريات الاستعمار الامبريالي ؛ ودون فهم منطقي أن عالم الطبيعة الكبير أينشتاين غير قادر على فهم لماذا الحرب؟ وهي ببساطة عدوان القوي على حق الضعيف ؛ وأن هذا القوي يهرب من مشاكله الداخلية باختراع حلول سهلة من خلال استنزاف حق الضعيف ؛ ولكن هذا ليس حلا ؛ بل خلق مشكلة جديدة ، مما يعمق الفجوة بين التمدن والتحضر ؛ ونحن نرى أن القوى الاستعمارية القديمة تتعرض لهزات اقتصادية داخلية عميقة ؛ رغم استمرار سيطرتها على مقدرات البلدان الضعيفة ( المستقلة إسميا) والسبب الحقيقي أن قانون القوي تدميري لكل البشرية وأن العدل الحقيقي لا يؤمن إلا بالمساواة بين القوي والضعيف وحرية كل البشر بامتلاكهم الحاجات الأساسية للحياة وعلى رأسها مسكن آمن يسمى وطن حر عند ثوار العالم ؛ وفي ثورتنا نسميه فلسطين مستقلة حرة.
خالد أبوعدنان
ولدت لاجئا وأحيا مهاجرا
No comments:
Post a Comment