Friday, 13 March 2015

الأمن الثوري الديموقراطي

مقال بعنوان : الأمن الثوري الديموقراطي

الأمن هو السلام إسرائيليا وهو مؤشر استقرار النظام السياسي في مجمل،  بل أن أصحاب المدارس الدينية يرفعه لمرتبة استيطان الإنسان لبقعة معينة مرتبط بالقدرة على توفير الأمن لها،  أما  المدارس الليرالية فترسمه ضمن الأمن القومي والذي يشمل الشبكة الأمنية كاملة وهي الأمن المائي والأمن الغذائي وأمن الطاقة والأمن الخارجي ممثل بالجيش والمخابرات الخارجية والأمن الداخلي ممثل بالأمن الوقائي وقوة ضبط النظام وأجهزة تطبيق القانون،  ويضيف لها الحزب الخضر الأمن البيئي وأمن حماية المواطن وأما الأحزاب اليمينية فتضع أمن النخبة الحاكمة وأمن احتكارية الأسواق وهناك من يرى بضرورة وضع أمن الانترنت وأمن الاسرة واستمرارها كأسلوب طبيعي لاستمرار وجود الإنسانية،  وأيضا أمن الحجر الصحي لوقف انتشار الأمراض الوبائية والبيئية.  ونحن إذا اتفقنا مع بعضها أو اختلفنا مع بعضها الآخر ؛ الا أننا نقر بأهمية كل هذه المواضيع وبدرجات متفاوتة ودون ضرورة فرض رقابة إضافية على الحريات العامة والخاصة ؛و سن قوانين إضافية لتجريم من يحاول زعزعت الأمن 
لكن من هي الجهة المخولة بتطبيق الأمن؟  ففي الماضي كان يشكل الردع المجتمعي أساسا ومنه خرجت السلطة الدينية وفيصلية أداء القاضي مع ما سمي بالأعراف الاجتماعية وتشريعات القانون العشائري ثم تم تأطير ذلك بمؤسسات الدولة الحديثة التي أخذت الحق الشرعي باستخدام العنف لضبط القضايا الأمنية وفق الدستور والتشريعات والقوانين وقد يكون استخدامها عادلا باستثناء حماية القوى المتنفذة في الحكم وقمع أي أفكار تتمرد عليهم. 
أما الخصوصية الفلسطينية في موضوع الأمن فتشمل مركبات الثورة والدولة في تعقيدات الهندسة الاجتماعية الفلسطينية وواقعية سلطة الدول الحاضنة لمخيمات الشتات وممارسات الاحتلال القمعية لتطلعات الشعب الفلسطيني 
وهذا جعل الأمن الفلسطيني يتشكل ضمن أربعة أطر وهي الأمن الثوري   والأمن الوطني والتسيق الأمني مع الدول العربية والتنسيق الأمني مع العدو الصهيوني،  ومهما وضعت أهمية لتنسيق أمني مع قوى عظمى فهو  لا يتم دون تنسيق أمني مع الدول العربية والعدو الصهيوني 
ولتوضيح كلمة تنسيق أمني فهي تداخل مصالح طرفين في مسؤوليات مشتركة،  فمثلا هناك استقلال جزئي للمخيمات الفلسطينية في لبنان الا أن النتسيق الأمني ضروري لطرفين ويعزز مفهوم المسؤولية المشتركة لخدمة أمن المخيمات،  أما إذا نظرنا للتنسيق الأمني بين السلطة الفلسطينية في المناطق المحتلة وأجهزة دولة الاحتلال فهي شاملة لكل مناحي الحياة من حركة الأفراد والبضائع وتزويد المناطق الفلسطينية بالطاقة والمياه وغيرها من مناحي الحياة وأما التحفظات على التنسيق وتتلخص بقضية منع العنف وضبط ردات الفعل العنفية ؛ وهو موضوع شائك حيث أن دايتون نفسه أعرب عن إستحالة منع المقاومة ضد إجراءات الاحتلال الاستفزازية المستمرة من قبل جيش الاحتلال أو المستوطنين، الا أنه أصر  على تجريم  أي رد فعل عنيف من قبل الفلسطينيين والاكتفاء بتطوير النضال السلبي اللاعنفي كأسلوب وحيد مرخص قانونا وغيره يعد جريمة يحاسب عليها القانون، وقبل دايتون بعشر سنوات طرح نفس الموضوع وكانت السلطة تنفذ الاعتقالات ثم تتركهم عن طريق سياسة الباب الدوار المعتقلين السياسببن 
أما الأمن الوطني وهو قوة الشرطة التي تنفذ القانون وهي خاصة بقضايا الأحوال المدنية والحق العام وحماية الأملاك وغيرها من القضايا تندرج ضمن بسط النظام ومنع الفوضى ومن أخطر أمراضها في العالم الثالث الفساد الإداري مثل المحسبوبية والرشاوي .
أخيرا الأمن الثوري وهو الجهاز الأساسي لحماية الثورة من الاختراق وأيضا هو جهاز جمع المعلومات قبل تنفيذ المهام النضالية،  وهو بالنسبة لمعظم التنظيمات الثورية مهمة كل عضو فيها وبرتبة أقل عيون الجماهير الثورية وثم عيون الحلفاء وأخيرا أخطاء العدو تشكل كلها معلومات يتم دراستها وتقييم درجة الدقة ومدى صلاحيتها 
وفي أول تطور ثوري فلسطيني كان بتأسيس جهاز الرصد المركزي عام ١٩٦٩بقيادة الشهيد الرمز صلاح خلف وإرسال مجموعة من ثوار دراسة الأمن في مصر والجزائر وهم شكلوا العمود الفقري لأجهزة الأمن في الثورة مثل الأمن المركزي والأمن الموحد والأمن الرئاسي والأمن السياسي وغيرها العديد من الأجهزة الأمنية وفي نفس الوقت شكلت التنظمات الفلسطينية الأخرى أجهزة أمنية خاصة بها ؛ لعل أهم إنجاز يحسب لثورة الفلسطينية القدرة على تطبيق شعار الديموقراطية في غابة البنادق من خلال التنسيق بين الأجهزة الأمنية بإشراف الأمن الموحد لمنع تضارب عملها والقدرة على تبادل المعلومات والخبرات بينها ؛ وكان عملها الأمني بشقين الأمن السلبي من خلال تجنب الوقوع صيدا سهلا للأعداء والأمن الإيجابي من خلال العمل السري والحركة المتغيرة الدائمة. 
وفي مرحلة بناء السلطة الفلسطينية تم تشكيل العديد من الأجهزة الأمنية وكان أهمها الأمن الوقائي وحصل تضارب بعملها ثم تنسيق وتوحيد الجهود ، الا أنها فصلت قضية أمن التنظمات السياسية عن أمن السلطة الفلسطينية ؛ وهو جمع لفكرة أمن الدولة ومقاومة الثورة في أسطورة الأمن الثوري الديمقراطي .
وتتلخص الفكرة أن التنظيمات الفلسطينية لها أمنها الخاص الغير مرتبط بأجهزة السلطة،  وأن السلطة تجرم من يقوم بأعمال المقاومة ؛ لأن المسموح به المقاومة السلمية فقط ولكن معاقبة المقاوميين تتم عن طريق سياسة الباب الدوار وهذا كان نهج الرئيس الشهيد الرمز ياسر عرفات. 
أما مرحلة الأخ الرئيس أبومازن فهي مختلفة تماما في عمل الأجهزة الأمنية وتحديد ما هو للسلطة وما هو للمقاومة يكون صعبا ويكون أصعب ضمن الانقسام السياسي بين قطبي المقاومة الفلسطينية ؛ والقضية الملحة في مفهوم الأمن الثوري الديموقراطي تحديد صلاحيات أمن التنظمات الثورية وآلية تعامل الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة ؛ فالقضية المثارة على جدول المصالحة قضية مهمة لأن القانون يجرم المقاومة المسلحة والقانون يمنع تشكيل أجهزة أمنية للتنظمات الفلسطينية ؛ ولعل أكبر متضرر بالعملية هذه هي حركة فتح لأن عملها أصبح علني ضمن نطاق قانون السلطة وأطر النضال السلمي ؛ الا أن العمل بهذا الأسلوب لم يمنع قوات الاحتلال من اعتقال العديد من الكوادر التنظيمية ولم يوقف التوسع الاستيطاني واستخدام الرصاص الحي ضد المتظاهرين العزل ؛ وبالتالي فإن طرح قضية المقاومة بكل أشكال النضال ليس شعارا جميلا بل هو طموح العودة لفصل المقاومة عن السلطة وافساح المجال لصعود الفعل الثوري من قبل التنظمات الفلسطينية.
ومن زاوية ثانية يرى المتفائلون أن الدولة الفلسطينية تبلورت وأن المهمات تتلخص بتعزيز هياكل الدولة أما مقارعة الاحتلال فتقتصر على النضال السلمي والعمل السياسي ؛ الا أن العدوان الأخير على غزة فلسطين أظهر أن التنظمات الفلسطينية مازالت قادرة على الرد العنيف في الضفة الغربية وأنها تمتلك القدرة القتالية والأمنية لانجاز مهام نضالية بعيدا عن أعين السلطة.
فالمطلوب مساحة أوسع للتنظمات الفلسطينية مع عدم إحراجها للأجهزة الأمنية التابعة للسلطة وهذه المعادلة بحاجة لجهد جبار أساسه الثقة المتبادلة والمصلحة المشتركة ؛ وهذا ما سيجعلنا نعود لمفهوم الأمن الثوري الديموقراطي على كل الضفة الغربية وقطاع غزة ، وهي رسالة موجهة للحكومة الخفية في قطاع غزة والتي ترفض إعطاء حكومة الوفاق الوطني الفرصة لوضع آليات فصل عمل التنظيمات الفلسطينية عن مهام السلطة الفلسطينية وأهمها تعريف ما هو أمن السلطة وما هو أمن المقاومة ؟
خالد أبوعدنان
ولدت لاجئا وأحيا مهاجرا 

No comments:

Post a Comment