مقال بعنوان : التنظيمات المتطرفة
إسلاميا في الدول الغربية
تطرف بمعنى الإنزواء عن المجتمع بركن حصين رفضا لكل نتاج المجتمع، وجاء كرد فعل لسياسات التي تدعو للانفتاح الثقافي في الخمسينات من القرن الماضي مما جعل حركات دينية معينة تعتبره جريمة في حق المجتمع وكانت دعوتهم لعدم الانجرار وراء القيادات المنحرفة ؛ والعمل على تكفير المجتمع الذي يقبل العيش بأسلوب الحياة المنحرفة.
نطرح مثالا التنظمات المتطرفة إسلاميا بالدول الغربية:
ففي علم الاتصالات بين الجاليات هناك ما يسمى الانغلاق المجتمعي الطوعي، وهم جماعة ترفض التعايش وتعتبره محرم مثل المتشددين الأرثوذكس وأيضا بعد التيارات الإسلامية المتشددة في أوروبا الغربية والعالم الناطق بالإنجليزية ؛ والغريب أن هذه التيارات ليس لها امتدادا في أمريكا اللاتينية أو إفريقيا الفرنسية أو أوروبا الشرقية ؛ فهي نتاج المجتمعات الرأسمالية والمخابرات البريطانية.
فالملاحظ استخدام مفهوم جالية إسلامية وهو إبداع بريطاني بامتياز حيث أن مفهوم الجاليات عادة ما يكون عرقي أو قومي ، وهي دعوة حقيقية للانسلاخ من الالتزامات اتجاه الوطن الأصلي وثقافته العلمانية والوقوف عاريا في وجه الحضارة الغربية التي يرفضها فيبقى معلقا بأمل اختراع دولة تناسبه مما يجعلهم صيدا سهلا للمخابرات الدولية . إن الجاليات عادة ما يكون لها قيادة مركزية الا أن الجاليات الإسلامية ليس لها قيادة موحدة وأيضا للجاليات تمويل حكومي الا أن تمويل الجالية الإسلامية مشتت بين مئات المؤسسات التي تمثل الجالية، فلا يوجد ثقافة واحد لتعددية المدراس الفكرية الإسلامية وتلون القوميات ؛ وأيضا صراعات حب البروز والأنانية وأيضا الارتباط بالوطن الأصلي، والغريب مثلا أن أغلب القيادات الإسلامية الليبية أختفت قبل إسقاط نظام القذافي ثم أصبحت جزء مهم من القوى الحاكمة هناك ؛ ولكن بقية علاقاتها مميزة بالدول الغربية.
ولن ننطرق لدراسة كل مؤسسات الجالية الإسلامية ونطرح قضية التنظيمات المتطرفة إسلاميا فقظ ؛لأن
قلة قليلة التي تحدثت عن آلية عمل هذه التنظمات من الداخل ؛ طرق الاستقطاب والبناء التنظيمي والتمويل وطرق الإتصال وتحديد الأهداف.
بخصوص طرق الاستقطاب فهي مختلطة بين المرحلي والاستراتيجي ؛ فالاستقطاب الاستراتيجي ينهح منهج الأخوان المسلمين عن طريق الدعوة للصلاة بالمسجد ثم حضور جلسات الوعظ ثم المشاركة بالنشاطات الدينية للصالح العام ؛ ولحد هنا تكون مرحلة النصير انتهت ثم تبدأ مرحلة غسيل الدماغ عن طريق رفض المجتمع وطرق الحكم ومن يقوم بهذا الدور لابد أن يكون كادرا مدربا جيدا ويعرف الكثير عن الضحية عفوا النصير، وهذا النصير يكون له ارتباط آخر هو الصديق الوفي الذي هداه لطريق الرشاد، ولكن هذا الصديق الوفي هو من ينقل كل هواجس واستفسارات النصير للكادر ؛ بعد فترة من زمن لا تتجاوز الشهر تبدأ عمليات جس النبض وتكون في البداية التمرد على الأسرة مثل الأب أو الأم لأسباب تافهة مثل التلفزيون حرام أو الذهاب للسوق فتنة وغيرها من الأمور الرمزية ؛ وبعد ممارسة عدة تمردات يصبح النصير عضوا وقادر على تنفيذ مهام الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لعامة الناس وتسمى توعية الجهال في مسالك السلفية ؛ وهي مرحلة تصادم مع المجتمع وبداية اختيار العزلة لأن المجتمع جاهل ؛ ثم مرحلة الهجرة وهي ترك كل ما يتعلق بحياة العضو السابقة ومقاطعة كل من هو ليس من الجماعة حتى الأهل ؛ ويكون حضوره بالمجتمع باهت لا يرغب بالكلام ولا النقاش فهو مختلف جذريا مع كل من حوله ؛ وعندما يصل لمرحلة تكفير المجتمع يصبح كادر ويتم تمرينه على التخطيط وإدارة الخلايا الأنصار. أما بالنسبة لعمل الخلايا فيكون بإعلان المشاغبة التكفيرية للمجتمع وتهديد أنظمة الحكم دون تنفيذ فعلي فهي دعاية تحريضية هدفها دراسة ردات الفعل وطرق الشرطة في ملاحقة المشاعبين ؛ أما من يقوم فعلا بالتخطيط لهجوم أو نصب كمين فهي رتب أعلى بالتنظيم ؛ وفي حال تم إقرار أي عملية يتم أولا استخدام دليل واحد من كل خلية فلا أحد يعرف الآخر أثناء المراقبة أما القوة المنفذة فتحوي على مدربين عسكريا وأيضا بعض المتحولين ؛ وهؤلاء المتحولين هم أعضاء مرحليين فهم كفار ويتم استغلالهم لتنفيذ أهداف خطرة أو مجرد تمويه للشرطة ؛ ويتم استقطابهم بطرق ملتوية دون الطلب منهم أي الالتزام ديني أو تنظيمي ؛ وهم بوصف القانوني مغرر بهم فهم لا يعلمون أي شيء عن العملية.
وهنا لابد أن ذكر البناء التنظيمي لهذه الجماعة وهو يأخذ شكل الأخطبوط حيث أن المركز القيادة العليا هو جسم الأخطبوط وله بناء هرمي وقيادة جماعية الإ أن كل منطقة أو بلد لها قيادة محلية ولها تراتبية هرمية أما أذرع الأخطبوط فهي الأطر القاعدية ؛ وبناؤها يكون عن طريق سلسلة تبدأ بشخصين وتنتهي بشبكة الاتصال مع القيادة المحلية ؛ وأما الإعلام فهو مقسم إلي ثلاث أجزاء الأول ويسمى أخبار أولي الأمر وهي تتبع أخبار القيادة العليا أو قراءة النهج الفكري الذي يؤمنون به ؛ والجزء الثاني ويسمى إعلام التمكين وهو عبارة عن رسائل من القيادة المحلية إلي أشخاص بعينهم وفيها الكثير من آليات العمل وأساليب التعامل والجزء الثالث ويسمى أخبار التكفيرين وهو واجب من كل الأعضاء بإرسال أي معلومة عن أزلام الكفر والرذيلة في مناطقهم وكشف كل من يدعو لمحاربة التنظيم.
وبخصوص التمويل فهو منفصل عن الأطر القاعدية فهو يتعامل مع جسم الأخطبوط مباشرة ويمنع جمع المال من قبل الأعضاء أو حتى الكوادر ؛ وأنواع التمويل المقبولة هي تمويل البيعة وهي أموال ترسل للقيادة العليا من قبل أفراد قد يكونوا عاديين أو أعضاء بالتنظيم وعلى حد زعمهم فهو المصدر الرئيسي للتنظيم ، ثم يأتي تمويل الحاجة وهو تمويل قادم من طرق محرمة أصلا بفكرهم لكن الغاية تبرر الوسيلة ؛ وهذه الأموال قد تكون من حكومات أو من الكسب المحرم مثل تجارة المخدرات والسلاح، وآخر أنواع التمويل هو الغنيمة وهي أموال يتم سرقتها بوسائل عنيفة مثل مداهمة البيوت أو فرض إتاوة على التجار أو المطالبة بالفدية.
وفي النهاية تحديد الأهداف فهي مقسمة لتكتيكي وآخر استراتيجي أما الأهداف التكتيكية فهي تخريبية ولا يقصد فيها الا إثارة الرعب عند كل من يعاديهم ولا يوجد شيء محدد كهدف إن كان مسجدا للشيعة أو سوق للسنة أو مطعم أمريكي ؛ فمبدأها واحد أن تنظيمهم قوي وقادر على الوصول لأي مكان والرسالة الثانية هي أن طريق القويم قادم وعلينا الانصياع له عن طريق الانضمام لهم أو على الأقل تمويله، أما الهدف الاستراتيجي فهو إيجاد مكان معين لإقامة نموذج للدولة القويمة وبعد ذلك تبدأ عملية الانتحار الجماعي ؛ فهي إعلان أن التنظيم صار أكبر من الحجم المسموح به فلابد من إقامة معركة خاسرة، يتم فيها قطع الذراع الطويلة للأخطبوط للحفاظ على مركزية الجسم، ولأن النصر لا يكون بالدولة القزمة فلا نجد القيادة المركزية تعلن نفسها صاحبة الإمارة بل أن هذا يحدث من أحد القيادات المحلية للذراع الطويل للأخطبوط.
فهي لعبة تتكرر ولا تعرف لها نهاية فلا هم حقا يسعون لبناء دولة لهم ولا الحكومات الغربية تنوي انهاؤهم بل فقط عملية تقليم للذراع الطويلة.
خالد أبوعدنان
ولدت لاجئا وأحيا
No comments:
Post a Comment